”قرارات هزلية في زمن الجوع: الحوثي يحارب ”تشويه العملة”ولا يدفع الرواتب!”

في خطوة وصفها مراقبون بأنها "سخيفة وغير واقعية"، أصدر ما يُعرف بـ"محافظ البنك المركزي" في صنعاء – الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي – اليوم، القرار رقم (2) لسنة 1447هـ، الذي يحظر تشويه أوراق فئة 200 ريال من الإصدار الثاني ، ويُعلن إلغاء أي ورقة نقدية تتعرض لأي شكل من أشكال الكتابة أو الرسم أو الثقب.
القرار، الذي يُروج له كـ"إجراء للحفاظ على العملة الوطنية"، جاء في وقت تشهد فيه العملة انهياراً غير مسبوق أمام العملات الأجنبية، فيما ترزح الأغلبية الساحقة من الشعب اليمني تحت خط الفقر، ولا تكفي رواتبهم الشهرية ليوم واحد من الحاجات الأساسية.
وينص القرار على:
- حظر كل أشكال العبث بالأوراق النقدية (الكتابة، الرسم، الحفر، الختم، الثقب...).
- اعتبار أي ورقة مشوهة "ملغاة وغير قابلة للتداول".
- منع المؤسسات المالية وغير المالية من قبول أو تداول هذه الأوراق.
- تهديد المخالفين بـ"المساءلة والعقوبات القانونية".
لكن المفارقة الصارخة، كما يرى خبراء اقتصاديون، أن الجماعة التي تفرض هذا القرار هي نفسها الجهة التي دمرت الاقتصاد الوطني ، وفرضت ضرائب جائرة، وعرقلت دفع الرواتب، وسيطرت على مؤسسات الدولة، وطبعت عملة بدون غطاء نقدي، مما عجل بانهيار الريال اليمني.
"أول من شوّه العملة هو الحوثي!"
وتعليقاً على القرار، قال أحد المواطنين في صنعاء طالباً عدم الكشف عن اسمه:
"الحوثيون يحرمونني من كتابة ملاحظة على ورقة نقدية، لكنهم لا يمانعون في طباعة مليارات الريالات دون غطاء، وفرض رسوم على كل شيء، حتى على الأدوية والغاز المنزلي! من يُعيد لي راتبي المجمد منذ سنوات؟ من يعوضني عن التضخم الذي جعل 200 ريال لا تشترى إلا قرص خبز؟".
وأشار مراقبون إلى أن الجماعة تستخدم مثل هذه القرارات كأداة للهيمنة والرقابة، بينما تتجاهل الأسباب الحقيقية لأزمة العملة، ومنها الانقسام المؤسسي، وسوء الإدارة، واستخدام البنك المركزي كأداة للتمويل العسكري بدلاً من دعم الاقتصاد.
إجراءات شكليّة في زمن الانهيار الشامل
ويرى اقتصاديون أن هذا القرار لا يُعالج أي مشكلة حقيقية، بل يعكس حالة انفصال تام عن الواقع. فبينما يعاني المواطن من غلاء المعيشة وانعدام الخدمات، تصدر الجماعة قرارات تجرّم "ثقب ورقة نقدية"، وكأن هذا هو سبب الأزمة!
علاوة على ذلك، فإن منع التداول بالأوراق المشوهة – والتي قد تكون نتيجة الاستخدام الطبيعي أو ضرورة تسجيل بيانات عليها في المعاملات – سيزيد من تعقيد حياة الناس، خاصة في ظل ندرة السيولة والاعتماد الكبير على النقود الورقية.
مطالب بمحاسبة الجناة الحقيقيين
دعا نشطاء وحقوقيون إلى "توجيه البوصلة نحو الجناة الحقيقيين الذين أوصلوا الاقتصاد إلى حافة الانهيار"، مطالبين بوقف سياسات الابتزاز والفساد المالي، وتحقيق شفافية في إدارة المال العام، بدلاً من استهداف الفقراء بمثل هذه التعليمات الساذجة.
وتسود مخاوف من أن القرار قد يُستخدم كذريعة جديدة لمصادرة الأموال أو فرض غرامات على التجار والمواطنين تحت ذريعة "التعامل بعملة مشوهة"، في إطار ما بات يعرف بـ"اقتصاد البلطجة" الذي تنتهجه الجماعة.
بينما يُفترض أن تكون الأولوية لإنقاذ العملة عبر وقف التدهور الاقتصادي، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة، تُصدر الجماعة الحوثية قرارات تشبه "الفزعة المدرسية"، تُجرّم فيها رسم دائرة على ورقة نقدية، في الوقت الذي ترسم فيه هي خطوط التقسيم والدمار على مستقبل اليمن بأكمله.