الأربعاء 23 يوليو 2025 07:07 صـ 28 محرّم 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”الزينبيات في المقدمة: اقتحامات منظمة واعتقالات جماعية في قلب إب”

الأربعاء 23 يوليو 2025 12:00 صـ 28 محرّم 1447 هـ
زينبيات الحوثي
زينبيات الحوثي

تواصل جماعة الحوثي تصعيد حملتها الواسعة من الاعتقالات التعسفية والاختطافات بحق المدنيين والموظفين الحكوميين في محافظة إب وسط اليمن، في ظل تصاعد مقلق للانتهاكات الجسيمة التي تطال مختلف شرائح المجتمع، من دون أي رقابة أو رادع قانوني، ما يعكس حالة من "الاستباحة الأمنية والحقوقية" تشهدها المحافظة.

وأفادت مصادر حقوقية ميدانية بأن مسلحين تابعين للحوثيين، برفقة عناصر نسائية من ما يُعرف بـ"الزينبيات"، اقتحموا، الثلاثاء، منزل المواطن عبدالحميد المصباحي في حي المحافظة بمدينة إب، في عملية تفتيش مصحوبة بسلوك عدواني وتهديدات مروعة. ووفق المصادر، تم خلال الاقتحام مصادرة هواتف محمولة، وأجهزة إلكترونية، وممتلكات شخصية من داخل المنزل، دون العثور على المصباحي، الذي يُعتقد أن الجماعة تبحث عنه لأسباب لم تُفصح عنها.

وفي تطور لافت، تم اقتياد امرأتين من أسرة المصباحي إلى شقة يُشتبه بوجوده فيها، في إجراء يُعد انتهاكًا صارخًا لحرمة الأسرة والخصوصية، ويُنذر باتباع أساليب قمعية تتجاوز الإجراءات الأمنية المقبولة دوليًا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه الحادثة ليست منفصلة، بل تأتي ضمن حملة ممنهجة من الاعتقالات والاختطافات التي تشهدها إب منذ أكثر من أسبوعين، وشملت العشرات من الكوادر الفنية والمهنية، لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والبنوك والجامعات . وطالت الاعتقالات أطباء، وأكاديميين، وموظفي إدارات تعليمية، في مديريات متعددة، أبرزها مديرية العدين ، حيث تم اختطاف عدد من المدرسين والإداريين بذريعة "التحقيق الأمني"، دون إبلاغ ذويهم أو إتاحة أي ضمانات قانونية.

وأثارت جريمة اختطاف الدكتور محمد قايد عقلان ، مدير دار القرآن الكريم في منطقة اليهاري بمحافظة إب، موجة استنكار واسعة، خاصة بعد وقوعها في أعقاب تصفية الشيخ صالح حنتوس في محافظة ريمة قبل يوم واحد فقط. واعتبر ناشطون وحقوقيون أن هذه التواليات المتسارعة تشكل نمطًا واضحًا من التصفية الجسدية والاعتقالات الممنهجة بحق الشخصيات الدينية والمجتمعية المستقلة، في محاولة لفرض السيطرة الأيديولوجية والقضاء على أي صوت مخالف.

وأكدت المصادر أن الانتهاكات الحوثية لم تعد تقتصر على أماكن العمل أو المنازل، بل امتدت لتشمل الطرقات العامة وأماكن التجمعات ، حيث يتم اختطاف المواطنين بشكل عشوائي، أحيانًا بناءً على شكاوى واهية أو تهم ملفقة، في ظل غياب تام لأي رقابة قضائية أو ردع فعلي من قبل الأجهزة القضائية التي تديرها الجماعة.

وأشارت تقارير حقوقية إلى أن "الصمت المطبق" من قبل القضاء الحوثي في إب يُعد شريكًا غير مباشر في هذه الانتهاكات، حيث لا يتم توثيق الاعتقالات، ولا يُسمح للعائلات بزيارة المختطفين، كما لا تُعلن أسباب الاحتجاز، ما يعمّق حالة الإفلات من العقاب.

ناشطون محليون يحذرون من "انهيار أمني وانساني":
حذر ناشطون حقوقيون ومجتمع مدني في إب من أن استمرار هذه الحملات القمعية سيؤدي إلى تفجير الأوضاع الاجتماعية، مشيرين إلى أن الخوف بات يسيطر على المواطنين، وسط تردي الخدمات الأساسية وانهيار الاقتصاد المحلي. وطالبوا المنظمات الدولية والمجتمع الإنساني بالتدخل العاجل لوقف ما وصفوه بـ"موجة الإرهاب الممنهج" التي تمارسها الجماعة تحت غطاء الأمن والدين.

مطالبات بالتحقيق ورفع الانتهاكات إلى المحافل الدولية:
دعت جهات حقوقية يمنية إلى فتح تحقيق مستقل في هذه الانتهاكات، ورفع ملف الاعتقالات التعسفية والاختطافات إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، معتبرة أن ما يحدث في إب يُشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويشكل جريمة ضد الإنسانية إذا ما تم ارتكابها بشكل منهجي.

في المقابل، لم تصدر الجماعة الحوثية أي بيان رسمي يوضح أسباب هذه الحملات أو يُبرر الإجراءات الأمنية، في حين تُعزى هذه التحركات إلى محاولات فرض السيطرة الكاملة على المحافظة، وقمع أي مظاهر للاختلاف أو المعارضة، في ظل تزايد التوترات الداخلية والخارجية التي تواجه الجماعة.

إب، التي تُعد من أكبر المحافظات اليمنية من حيث الكثافة السكانية، تعيش واقعًا إنسانيًا وأمنيًا مترديًا، حيث تُضاف الانتهاكات الحوثية إلى معاناة السكان من الفقر، وانهيار الخدمات، وغياب الدولة، في مشهد يُنذر بتفاقم الأزمة الإنسانية في قلب اليمن.

موضوعات متعلقة