رئيس وزراء فرنسا يصف اتفاق التجارة بين أمريكا وأوروبا بـ«اليوم الأسود» ويحذر من تداعيات خطيرة

وصف رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، اليوم الاثنين، اتفاق التجارة بين أمريكا وأوروبا بأنه يمثل "يومًا أسود" في تاريخ القارة الأوروبية، محذرًا من أن هذه الاتفاقية قد تؤدي إلى تقويض الاستقلال الاقتصادي للاتحاد الأوروبي وإضعاف قدرته على الدفاع عن مصالحه الحيوية في وجه الهيمنة الأمريكية المتزايدة.
وفي تغريدة عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، عبّر بايرو عن استيائه الشديد من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين واشنطن وبروكسل، مؤكدًا أن "تحالف الشعوب الحرة الذي اجتمع لحماية قيمه ومصالحه يبدو اليوم وكأنه يتخلى عن مواقفه التاريخية، وهذا يُعد خسارة استراتيجية كبرى".
ترامب يعلن عن بنود أولية لـ اتفاق التجارة بين أمريكا وأوروبا
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن، يوم الأحد، أن الولايات المتحدة توصلت إلى إطار عمل مبدئي مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق التجارة بين أمريكا وأوروبا، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أقيم في ملعب الغولف الخاص به في مدينة تيرنبيري الاسكتلندية.
وقد كشف ترامب أن الاتفاق يتضمن فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على عدد من واردات الاتحاد الأوروبي، تشمل السيارات والأدوية وأشباه الموصلات، إضافة إلى اتفاقيات ضخمة لشراء عقود طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار، واستثمارات أوروبية تصل إلى 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي.
قلق فرنسي وردود فعل أوروبية متباينة
لم تمر تصريحات ترامب مرور الكرام، حيث عبّرت فرنسا عن معارضتها الصريحة لبنود اتفاق التجارة بين أمريكا وأوروبا، بينما أعرب قادة أوروبيون آخرون عن ترحيبهم بالاتفاق واعتبروه خطوة نحو "الاستقرار الاقتصادي" كما وصفت فون دير لاين.
وفي المقابل، شدد بايرو على أن الاتفاق يفتقر إلى مبدأ الشفافية ويهدد بإحداث خلل في التوازن التجاري بين الجانبين، مطالبًا الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في شروطه وتقديم ضمانات تحفظ السيادة الصناعية والاقتصادية لدوله الأعضاء.
الاتفاق يهدف لتجنب حرب تجارية محتملة
رغم أن اتفاق التجارة بين أمريكا وأوروبا لم يدخل حيز التنفيذ النهائي بعد، فإنه يُعد خطوة استباقية لتجنب اندلاع حرب تجارية بين ضفتي الأطلسي، كانت تلوح في الأفق على خلفية خلافات متراكمة حول الرسوم الجمركية وتقييد الصادرات.
وتُشير بيانات وزارة التجارة الأمريكية إلى أن إجمالي حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بلغ 975 مليار دولار العام الماضي، ما يُبرز أهمية هذا الاتفاق في كبح التصعيد وإرساء قواعد أكثر استقرارًا للعلاقات التجارية بين أكبر تكتلين اقتصاديين في العالم.
مستقبل العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسي على المحك
مع توقيع اتفاق التجارة بين أمريكا وأوروبا، تدخل العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسي مرحلة حساسة قد تحدد مستقبل التعاون الدولي خلال السنوات المقبلة. وبينما تعتبر واشنطن الاتفاق بمثابة "الإنجاز التجاري الأكبر"، ترى باريس فيه تهديدًا للتماسك الأوروبي، ما يفتح الباب لمزيد من النقاشات داخل أروقة الاتحاد الأوروبي.
ودعا بايرو في ختام تصريحاته إلى جلسة طارئة داخل البرلمان الأوروبي لمراجعة الاتفاق، مؤكدًا على ضرورة وضع مصالح الشعوب الأوروبية فوق أي اعتبارات سياسية أو اقتصادية آنية، خاصة في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه القارة.