الإثنين 11 أغسطس 2025 04:34 صـ 17 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

احتجاجات غاضبة تجتاح حضرموت وسط تدهور معيشي حاد وعودة المحافظ بعد غياب طويل

الإثنين 11 أغسطس 2025 12:04 صـ 17 صفر 1447 هـ
احتجاجات حضرموت
احتجاجات حضرموت

تشهد محافظة حضرموت، الواقعة جنوب شرق اليمن، موجةً تصاعدية من الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، اندلعت احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية وتدهور الخدمات الأساسية، في ظل ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية، وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، وشح حاد في توزيع المياه، وانهيار شبه كامل لخدمات النظافة والصحة.

وأصبحت الاحتجاجات اليومية سمة بارزة في شوارع مدينة المكلا، عاصمة المحافظة، حيث يقطع المحتجون بشكل متكرر الطريق الدولي الرئيسي الذي يربط حضرموت ببقية المحافظات اليمنية.

وقد تسبب هذا الإغلاق في شل حركة النقل التجاري، وأدى إلى توقف تام لمرور الشاحنات والقواطر، ما أثار مخاوف من تفاقم الأزمة الاقتصادية في المحافظة التي تُعد من أكثر المناطق استقرارًا نسبيًا في اليمن.

ووفق مصادر محلية، فإن بؤرة الاحتجاجات تتركز بشكل خاص في حي "ديس" بالمكلا، حيث تجمع المئات من المواطنين يوميًا، مرددين هتافات تندد بـ"الإهمال الحكومي" وتطالب بـ"العدالة في توزيع الموارد" و"تحسين الخدمات".

وعبر المحتجون عن غضبهم الشديد من استمرار انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، في ظل موجات الحر الشديدة، إضافة إلى تردي جودة المياه، وانتشار القمامة في الشوارع، وتفاقم أعباء المعيشة بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود.

وتأتي هذه الموجة من الاحتجاجات في ظل تطورات سياسية محلية مهمة، تمثلت في عودة محافظ حضرموت، مبخوت مبارك بن ماضي، إلى المحافظة بعد غياب دام عدة أشهر.

ورغم ترحيب بعض الأوساط بعودته، إلا أن هذه العودة قوبلت بسلسلة من المطالبات الجماهيرية العاجلة، تطالب باتخاذ إجراءات فورية لحل أزمة الكهرباء، وإعادة تفعيل محطات التوليد، وتحسين توزيع الوقود، وضبط الأسواق التي تشهد تلاعبًا في الأسعار.

وقد اتسعت رقعة التظاهرات في الأيام الماضية لتشمل مدنًا أخرى في حضرموت، مثل سيئون، وشبوة، والوادي، حيث أغلق المتظاهرون طرقًا حيوية، ورفعوا لافتات تحمل شعارات تطالب بـ"العدالة الاجتماعية" و"إنهاء الفساد المالي والإداري"، و"إعادة النظر في توزيع عائدات النفط والغاز"، التي تُستخرج من حقول في حضرموت، لكن أهلها يشعرون أنهم لا يجنون نصيبًا عادلًا من هذه الثروات.

وفي تصريحات لمراقبين سياسيين واقتصاديين، فإن استمرار تدهور الخدمات في حضرموت، رغم أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية كأكبر محافظة يمنية من حيث المساحة، وتمركزها على ساحل بحر العرب، وامتلاكها لموانئ حيوية ومصادر طبيعية، يُعد مؤشرًا خطيرًا على تفاقم الأزمة الإدارية والخدمية، وربما يهدد بتحول الاحتجاجات السلمية إلى اضطرابات أمنية، خاصة في ظل غياب خطط تنموية واضحة وشفافة.

وأشار الخبراء إلى أن حضرموت، التي تمثل نموذجًا نسبيًا للاستقرار في خريطة اليمن الممزقة، باتت أمام مفترق طرق: إما الإسراع في تنفيذ إصلاحات جذرية في قطاعات الكهرباء، والمياه، والصحة، والتعليم، أو التعرض لمخاطر تآكل الثقة بين السكان والسلطة المحلية، ما قد يفتح الباب أمام فراغ أمني أو اجتماعي لا يمكن التنبؤ بتداعياته.

وتأتي هذه التحركات في وقت تعاني فيه اليمن بأكملها من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعيش أكثر من 21 مليون يمني تحت خط الفقر، ويعتمد نحو 17 مليونًا على المساعدات الغذائية. وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن استجابة سريعة وفعالة لمطالب أهالي حضرموت ليست فقط مطلبًا شعبيًا، بل ضرورة وطنية للحفاظ على السلم الأهلي، ومنع اتساع شرخ الفجوة بين الدولة والمجتمع.

وتطالب منظمات محلية وحقوقية بفتح تحقيق عاجل في أسباب تردي الخدمات، ومحاسبة المسؤولين عن سوء الإدارة، وضمان شفافية في توزيع الموارد، داعيةً إلى تشكيل لجنة طوارئ مشتركة تضم ممثلين عن السلطة المحلية، والمجتمع المدني، والخبراء الفنيين، لإدارة الأزمة وتقييم الأداء الخدمي.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأصوات المطالبة بالتغيير، تبقى الشوارع في حضرموت ساحةً للغضب الشعبي، حيث يصر المتظاهرون على رفض "الوعود المعهودة"، ويطالبون بـ"أفعال ملموسة" تعيد للحياة اليومية هدوءها، وتعيد للأمل مكانه في نفوس المواطنين الذين يعانون من سنوات من الإهمال والتهميش.

موضوعات متعلقة