الأربعاء 13 أغسطس 2025 07:43 مـ 19 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

حقيقة النظام الدولي

الأربعاء 13 أغسطس 2025 03:22 مـ 19 صفر 1447 هـ
حقيقة النظام الدولي

من بلفور إلى اليوم، لم يتغير جوهر الهيمنة الغربية، بل تغيّرت أدواتها وأقنعتها. الحراك الأوروبي والكندي للاعتراف بـ”دولة فلسطينية” ليس صحوة ضمير، ولا تصحيحًا لخطيئة تاريخية، بل إعادة هندسة استعمارية لمشروع دولة بلا سيادة، بلا سلاح، بلا معنى… دولة تصمم على مقاس الأمن الإسرائيلي، لضبط الغضب الشعبي العالمي لا لإنهاء الاحتلال.

النظام الدولي الذي ولد بعد الحربين العالميتين، لم يكن مشروع سلام بقدر ما كان إعادة تدوير للاستعمار بوسائل قانونية واقتصادية وثقافية. من اتفاقية ويستفاليا إلى مؤتمر برلين، إلى سايكس بيكو، ظل المنطق واحدا : تقسيم النفوذ، إدارة الأزمات، وصياغة الخرائط بما يخدم مراكز القوة لا مصالح الشعوب.

في غزة، بلغ النفاق ذروته. يتحدثون عن الوساطة والإدانة، ويهددون بالاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، فيما طائرات الشحن تحمل الأسلحة إلى الاحتلال، والأموال تتدفق بلا انقطاع. هذا العالم، الذي يزعم العجز عن وقف العدوان، قادر بقرار واحد أن يُدخل المساعدات وينهي المجاعة، لكنه يختار الصمت والتواطؤ، لأن إسرائيل ليست حليفا فقط، بل الابنة المدللة ورأس الحربة في عقيدته الاستعمارية.

أما الانشغال العربي بتصريحاتهم فليس سوى سذاجة، بل استهبال سياسي. فمن يصدّق أن من صنع الكارثة سيمنح الخلاص، يكرر خطأ الضحية التي تنتظر عدالة الجلاد.

لا خلاص إلا بمشروع عربي شعبي، مستقل في قراره، يرفض التبعية والاستجداء، ويعيد بناء علاقتنا بالعالم على أساس الندية والكرامة، لا على أساس الخضوع والخوف. مشروع يعرف أن القوة تُنتزع، وأن الكرامة لا تُمنح، وأن التحرر لا يمر عبر بوابات مجلس الأمن، بل عبر إرادة الشعوب التي ترفض الانكسار.