• الرئيسية
• المشهد الديني

أوضح الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، الرأي الشرعي في مسألة شغلت الكثير من الناس وهي: هل العملات الورقية من الأجناس الربوية؟ حيث استشهد بحديث النبي ﷺ الذي ورد عن عبادة بن الصامت، والذي بين فيه ستة أصناف تدخل تحت مسمى الأجناس الربوية وهي الذهب، الفضة، البر، التمر، الزبيب، والملح، مبينًا أن البيع فيها لا بد أن يتم يدًا بيد ومثلًا بمثل، وأي زيادة أو استزادة تعد من الربا المحرم.

الخلاف بين العلماء حول القياس

216.73.216.123

أكد جبر أن الفقهاء اختلفوا في مسألة القياس على هذه الأجناس الربوية. فابن حزم وبعض العلماء رفضوا القياس خشية التضييق على الأمة، بينما ذهب المذهب الظاهري ومعه المذاهب الأربعة الكبرى إلى ضرورة تحديد العلة الشرعية وتطبيقها على غير هذه الأصناف. ومن هنا ظهر الجدل الفقهي الكبير حول ما إذا كانت العملات الورقية يمكن أن تلحق بالأجناس الربوية أم لا.

علة الذهب والفضة

أوضح الدكتور يسري جبر أن العلة التي اتفق عليها جمهور العلماء في الذهب والفضة هي كونهما نقدًا يتم التعامل به في البيع والشراء والادخار، أي أنهما وسيلة لحفظ القيمة والتبادل التجاري. أما باقي المعادن النفيسة أو الأحجار الكريمة فلا تدخل في هذا الحكم، لعدم تحقق نفس العلة فيها. وهذا التفصيل يعكس تعمق الفقهاء في دراسة مفهوم الربا وضوابطه.

العملات الورقية بعد عام 1972

تطرق جبر إلى التحول التاريخي الذي وقع بعد عام 1972، عندما تم رفع الغطاء الذهبي عن العملات الورقية وربط الدولار بالبترول. وأوضح أن هذا التغير أدى إلى إعادة النظر في مسألة: هل العملات الورقية من الأجناس الربوية؟ حيث لم تعد العملات الورقية تعتبر امتدادًا مباشرا للذهب أو الفضة، مما جعل كثيرًا من الفقهاء المعاصرين يختلفون في تحديد الحكم الشرعي للتعامل بها.

اختلاف المذاهب الفقهية

استعرض الدكتور جبر آراء المذاهب الفقهية المختلفة، حيث رأى الحنفية أن كل ما يوزن ويكال ويدخر يعد من الأجناس الربوية، سواء كان طعامًا أو غيره، بينما ذهب الشافعية إلى أن العلة هي أن يكون المال مطعومًا آدميًا صالحًا للأكل أو الشرب، أما المالكية فأكدوا ضرورة أن يكون مطعومًا ويمكن ادخاره في الوقت نفسه. وهذا التنوع في الآراء يعكس مدى مرونة الفقه في التعامل مع المسائل المستجدة.

الحكمة من تنوع الآراء

اختتم الدكتور يسري جبر حديثه بالتأكيد على أن مسألة: هل العملات الورقية من الأجناس الربوية تظل من القضايا المعقدة التي تعكس اجتهادات العلماء في محاولة فهم النصوص الشرعية وتحقيق مقاصد العدالة ومنع الضرر. وأشار إلى أن هذا الخلاف يعكس ثراء الفقه الإسلامي، حيث حرص العلماء على مراعاة مصلحة الأمة في ضوء تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية.