حقيقة حرب غزة بين الصديق والعدو وفق المستجدات الراهنة

أية حرب داخلية أو دولية يكون لها أطراف، والأطراف المشاركة فيها قد تكون محدودة وبسيطة، بمعنى طرف ضد طرف آخر، وفي هذه الحالة تكون أهداف الحرب واضحة لكل طرف سواء أكانت حرب أهلية داخلية أم حرب خارجية دولية عابرة لحدود الوطن للأطراف المتحاربة.
216.73.216.109
وهناك النوع الآخر من الحروب وتعرف بالحرب المركبة والمعقدة والتي تتعدد الأطراف المشاركة فيها سواء أكانت أطراف داخلية أم أطراف خارجية، وتتعدد فيها اهدافها وتتنوع وتختلف بحسب كل طرف مشارك في الحرب بشكل مباشر اوغير مباشر.
وفي الحروب يتأكد وبصورة واضحة دور كل من يشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في الحرب سواء أكان طرف داخلي اوخارجي تجاه الأطراف المتحاربة من خلال ما تتخذه بعض الدول من مواقف بمافيها الدول المحايدة أو المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية أو الهيئات الوطنية الداخلية أو الهيئات الدولية من مواقف.
ومن خلال تتبع دور الوحدات الدولية وغير الدولية الظاهرة والمستترة يمكن التمييز بينها جميعا ومعرفة مواقفها تجاه اية أزمة وطنية او دولية وذلك من خلال التصرفات التالية:
1_ عناصر الدعم الدولي للحليف:
1-الحلفاء في اية حرب يقدمون لحليفهم الدعم الدبلوماسي واللوجيستي المباشر بين الطرفين وكذلك في محافل المنظمات والمؤسسات الدولية ، كما يعملون على تقديم الدعم العسكري والقتالي بشكل مباشر والبعض يدعمه بطريقة غير مباشرة.
2- يعمل الحلفاء على تقديم الدعم الاقتصادي لحليفهم.
3_ الدعم الإعلامي وفيه يُسخر الحلفاء امكاناتهم الإعلامية والدعائية لحليفهم ويهاجمون من يعتقدون أنه عدو مشترك لهم.
4-تعمل الدول المنحازة لأي طرف في الحرب على ملاحقة خصوم حليفهم وحصارهم وتسفيه ما يقومون به من أعمال وسجن من يدعون الى نصرتهم ، وايضا من يدعون الى دعمه اقتصاديا او فتح الحصار المفروض عليهم برا وبحرا وجوا.
5- قد تتجه بعض الدول الى إعلان المشاركة في الحرب لنصرة الحليف ولو بطريقة غير مباشرة ضد الطرف الآخر.
6- تعمل الدول مجتمعة او منفردة في المحافل الإقليمية والدولية على تحميل عدو حليفها الطرف الآخر مسؤلية الأحداث ونتائجها.
7 -تعمل الدول المتحالفة على إقناع دول أخرى للإنضمام معها لنصرة الطرف الذي تؤازره بهدف وقوفها مع حليفها وبدعوى أن الطرف الآخر سيظر بمصالحهم جميعا واتهامه سواء أكان دولة أو دول أو مقاومة شعبية بأنه يهدد السلام والأمن الإقليمي والعالمي.
8_ واذا كان الطرف المحارب مقاومة شعبية تعمل الدول والأطراف المتحالفة مع المحتل على إسقاط شرعيتها وشرعية اهدافها التي تعمل على تحقيقها.
9 -الاصطفاف مع الحليف حتى وإن كان ظالما وتبرز الدول المتحالفة معه محاسنه والإجتهاد بالقول أنه مظلوم وأن من حقه أن يدافع عن نفسه ضد العدو وضد الإرهاب الذي يمارسه الطرف الآخر وأن حليفهم من الدول المحبة للسلام.
10-تحسم الدول مواقفها بأن من تقف معه على حق وهو مظلوم وان الطرف الآخر معتدي وعلى باطل وظالم وليس له اية حجة شرعية وانه لا يمثل شعبه.
ومن خلال ما سبق نستنتج الآتي:
1- أن من سكت أو أيد حرب الكيان الص_هيو _ني على غزة، فهو مؤيد وداعم له في حربه وهو ضد نصرة أبناء غزة وضد مقاومتها ومناصر قوي وحليف للكيان.
2_ أن من سكت عن الإبادة الجماعية التي تحصل في غزة او عمل على تبريرها فهو حتما يخدم العدو ويقف في صفه ضد غزة وضد تحرير فلسطين وهو أيضا ضد أمته العربية والإسلامية لأن فلسطين كلها جزء لا يتجزأ من الوطن العربي والعالم الإسلامي وشعبها شعب عربي مسلم.
3- من شارك في تدمير غزة وقتل ابنائها هو مع العدو ناصرا ومؤازرا ومؤيدا وهو لن يتردد في مشاركته في تدمير أية دول عربية او إسلامية أخرى في صف اعداء الأمة العربية والإسلامية.
4_ من يشجع ويساعد الكيان في تحقيق مبتغاه الإستراتيجي المتمثل بتدمير غزة وجعلها غير صالحة للعيش فيها ويشارك في مؤامرة التهجير القسري لأبناء غزة وكذلك كل ما تبقى من فلسطين وافراغها من سكانها العرب أصحاب الأرض الأصليين منذ بداية التأريخ، هو لا شك من اوائل الداعمين للكيان بل ومشارك استراتيجي له في حربه على غزة.
علما بأن أرض فلسطين وحتى عام ١٩٤٨م كانت تعرف عالميا بدولة فلسطين وبذلك عرفت رسميا في خرائط العالم رغم انها أخضعت للإحتلال البريطاني لمدة ٢٨ عام وذلك في النصف الأول من القرن العشرين.
5- من يساهم مع العدو بشكل مباشر وغير مباشر في قتل اطفال ونساء غزة وحصارهم وتجويعهم ومنع وصول الدواء اليهم هو في الأساس من ضمن الطابور الأول للعدو.
6-من يدعم الكيان مع حلفائه من الأمريكيين والأوروبيين وصهاينة العالم بالإمكانات اللازمة لنصرة العدو على غزة وعلى مقاومتها هو جزء من قوة العدو.
7_ من يطلب من العدو سرعة القضاء على المقاومة ويُقنع نفسه بأنه على حق والمحتل على حق والمقاومة الفلسطينية على خطاء عليه ان يراجع خطورة ما يقوم به ، فهو في هذه الحالة لا فرق بينه وبين العدو ابدا الذي اعلن قبل ايام وبشكل رسمي وأمام العالم كله انه سيعمل على احتلال أجزاء كبيرة من سبع دول عربية لتحقيق غايته المقدسة التي يحلم بها صهاينة العالم (إسرائيل الكبرى) علما ان تلك الهلوسة هي نفسها التي تتحدث عنها دول الإستعمار الدولي الجديد ايضا تحت مسمى (الشرق الأوسط الجديد).
8-من يقدمون مبررات للعدو ليستند اليها في أعماله الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما عبر عنه رئيس وزراء العدو مرات عديدةً ان دول عربية تطلب منه حسم الحرب مع المقاومة في غزه، وهؤلاء ان صدق نتن ياهو هم في الحقيقة الطابور الخامس الذي جندهم العدو في دولنا العربية والإسلامية .
٩-ان من يُسوقون للعالم بأن المقاومة الفلسطينية منظمة إرهابية ولا تمثل ابناء غزة هم النخب التي تعمل بأمر من صنعها من اعداء الأمة العربية والإسلامية.
10- أن من يُطبع مع العدو ويمد يده له ويقوم بدعمه ماديا ومعنويا، هم من يغدرون بفلسطين وبشعوبهم وبأمتهم تحت مسمى السلام الزائف والاستقرار الكاذب.
12_ من يقول ولازال يؤكد أن حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة هم السبب في كل ما يحصل فيها من قتل وتدمير وحصار وتهجير بسبب هجومهم على الكيان في سبعه أكتوبر 2023 ، وتلقينه درسا لم ولن ينساه العدو، هم في الحقيقة ذلك النفر من النخب العربية المتصهينة والذين تألموا كثيرا من قوة الصفعة التي وُجِهة للعدو مقبل المقاومة الفلسطينية في غزة.
فالمقاومة قد كسرت في العدو كِبريائه واذَلت فيه جيشه الذي لا يقهر ، واعادت المقاومة "بطوفان الأقصى" القضية الفلسطينية الى صدارة الملفات السياسية الدولية بعد أن كانت قد طُويت في ملفات النسيان.
والسؤال الذي يبحث عن إجابة صادقة يُوجه الآن الى كل الزعماء والقادة والمسؤلين في أمتنا العربية والإسلامية:
يا ملوك ورؤساء وأمراء وبرلمانات وحكومات الوطن العربي والعالم الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والمنظمات المدنية بما فيها الأحزاب والمكونات السياسية الوطنية والعابرة للقارات في انحاء العالم ، وكذلك جماعات حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل، اين مواقعكم وأين مواقفكم من كل ما جرى ولازال يجري في غزة؟!
هل ستدافعون عن غزة أم لازلتم تقودون نضالكم الكوني في ملاحقة من يرفض التطبيع ويعادي ما يسمى بالسامية؟
إن الصهيونية العالمية التي أحتلت بتواطؤ دولي فلسطين هي التي تعادي نفسها والتي ليس لها من عدو حقيقي غير من صنعها وزرعها في ارض غيرها.
أنتم مسؤولون ومساهمون في كل ما يجري في غزة ، بعضكم بشكل مباشر وبعض آخر بشكل غير مباشر الا القليل منكم ، لأنكم تعلمون في الحقيقة مأساة غزة وكل فلسطين اكثر من غيركم، خاصة وانتم تعرفون يقينا ان القراءة السياسية للمشهد في غزة مرورا بالضفة والقدس وكل فلسطين يتلخص في الآتي:
فلسطين كلها خضعت لأبشع جريمة في التأريخ السياسي والتآمر الدولي المكشوف الذي تمثل بتعاون لصوص العالم وعلى رأس الجميع دول الإستعمار القديم مثل بريطانيا وفرنسا وايطاليا وعصبة الأمم ، وايضا دول الإستعمار الدولي الجديد مثل الولايات المتحدة وحلفائها وكذلك دول شرق أوروبا مثل الأتحاد السوفيتي واوكرانيا وبولندا ويوغسلافيا وغيرهم ممن دعموا العصابات الإجرامية الص هيو نية وجلبوا الصهاينة من روسيا ومن كل دول اوروبا ومن الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ومن قارة أمريكا الجنوبية وقارة افريقيا والقارة الأسيوية بل ومن بعض البلدان العربية والإسلامية لينفذوا بذلك ابشع سرقة لأراضي الغير في تأريخ البشرية المعاصر وأقذر جريمة مورست برضاء عالمي حيث اُستقدم صهاينة العالم الى دولة فلسطين العربية وهجروا العرب منها وهم سكانها الأصليين المغدور بهم من أراضيهم، بل زادوا على ذلك بقتل وسجن واحراق ممتلكات من قاومهم بتعاون دولي وتشريعات زائفة من المنظمات الدولية الحكومية عصبة الأمم سابقا والأمم المتحدة حاضرا ، وبمخالفة صريحة لكل القوانين والأعراف الدولية وحقائق التأريخ.
ورغم أن فلسطين قد اُحتلت من قبل صهاينة العالم منذ ٧٨ عام، وقبل ذلك ايضا كانت محتلة من قبل بريطانيا ولمدة ٢٨ عام، الا ان الشعب الفلسطيني رفض ولازال يرفض الإحتلال بكل اشكاله وقدم منذ عشرينيات القرن الماضي أكثر من مليون شهيد وجريح وواصل نضاله ضد المحتلين دون تراجع ولازال مستمرا حتى هذه الساعة يسطر تأريخ ثورته ومقاومته الباسلة رغم تآمر المتآمرين ، وانه لواجب علينا كأمة عربية وإسلامية ان ننصره مع أحرار العالم وندفع عنه الظلم الممتد لأكثر من مأة عام ، ولأن ذلك هو نهج وسلوك كل شعوب العالم التي مارست النضال للتحرر من الإستعمار لأوطانهم، وقد ضمن القانون الدولي لهم هذا الحق وكذلك ميثاق الأمم المتحدة بإستخدام كل ما يملكون من قوة لطرد الإحتلال، ووفقا لهذه القاعدة القانونية الدولية تحررت أكثر من مأة دولة وأصبحت جميعها جزء من النظام الدولي المعاصر الذي نعيش فيه، وايضا اعضاء فاعلين دوليين يشاركون في صناعة السياسة الدولية في الأمم المتحدة.
وأعلموا يقينا أيها القادة أبها الزعماء والنخب السياسية في وطننا العربي وعالمنا الإسلامي أيضا، أن الذي لا يدافع اليوم عن غزة لن يدافع غدا عن القدس او عن غيرها من الدول العربية والإسلامية المستهدفة من الإستعمار الدولي الجديد، بل انه لن يجد من يدافع عنه ، خاصة وأن الأمة العربية والإسلامية كلها مستهدفة لعودة الإستعمار الدولي الجديد من خلال التمزيق والحروب الداخلية والخارجية لتقسيمها من قبل لصوص العالم بحجم دول وخرائط التقسيم منشورة لكل من يريد أن يصل اليها.
*أستاذ العلاقات الدولية بقسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء.