الجمعة 5 سبتمبر 2025 11:32 صـ 13 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

الارهابي إحسان الحمران.. الوجه الاقتصادي القبيح للهاشمية السياسية (14-20)

الجمعة 5 سبتمبر 2025 12:08 مـ 13 ربيع أول 1447 هـ
الارهابي إحسان الحمران.. الوجه الاقتصادي القبيح للهاشمية السياسية (14-20)

الإرهابي إحسان الحمران ليس وجه بيروقراطي عادي يمكن أن يطوى مع الزمن ولكنه انعكاس لعمق البنية السلالية التي تحاول إعادة صياغة اليمن كإقطاعية محروسة بالأسطورة فالحمران خرج من رحم بيئة مغلقة حيث يلقن الطفل أن الدم والارهاب يمنح سلطة وأن النسب يوزع الثروة و تتحول فكرة الحق الإلهي إلى قيد على رقاب الآخرين من هذا القيد ولد الرجل لا ليكون موظف وليصبح ترس في ماكينة المليشيات الحوثية يخوض حربه بوسائل أقل صخبا من المدافع وأكثر فتكا من الرصاص وفي الظل يمارس إرهاب يصادر لقمة العيش ويعيد تشكيل حياة اليمنيين مؤكد أن المشروع السلالي لا يرى الوطن إلا أرض تورث وناس يستخدمون كادوات لخدمة المشروع الدخيل على اليمن.

216.73.216.36

ولأن كل مشروع شمولي يحتاج إلى من يضبط المال كما يحتاج إلى من يطلق الرصاص فقد وجدت المليشيات في الارهابي الحمران أداتهم الأوثق ولم يحمل السلاح في الجبهات لكنه حمل ما هو اهم واخطر دفاتر الحسابات ومفاتيح التمويل ومنذ اللحظة الأولى لظهوره في المشهد الحوثي لعب الدور المفضل لزعيم الإرهاب عبدالملك الحوثي دور الرجل الذي يحول المال إلى سلاح صامت ويدير الاقتصاد ليضمن استمرار الحرب ويشتري الولاءات ليضمن بقاء السلطة وهكذا صعد الرجل من الظل إلى قلب القرار حتى أصبح رئيس هيئة الاستثمار التابعة للمليشيات الحوثية الارهابية وهو منصب لم يكن أكثر من قناع شرعي للنهب الممنهج.

فهيئة الاستثمار التي كان يفترض أن تكون بوابة لتنمية الاقتصاد اليمني تحولت على يد الأرهابي الحمران إلى ساحة ابتزاز واسعة ولم يمر مشروع استثماري دون أن ينهب أو يبتز ولم يكن رجل أعمال يطرق أبواب صنعاء إلا ليخرج محمل بالإتاوات والتهديدات فالقانون عند الحمران مجرد ستار والشرعية التي يتحدثون عنها غطاء لمصادرة الشركات ونهب المؤسسات وبهذه الأدوات رسخ سلطته داخل المليشيات فاصبح أقرب إلى وزير مالية غير معلن يتحكم بالموارد ويوجهها وفق أولويات الحرب والارهاب وحسب ما تقتضيه حسابات الولاء السلالي الطائفي.

كما ان الجرائم التي ارتبطت باسمه ليست تفصيلية أو محدودة وهي جزء من البنية التي غذت الحرب وأطالت عمرها وأشرف على عمليات نهب واسعة للشركات والمصانع وأدار شبكات ابتزاز للمستثمرين وحول عوائد الاستثمارات إلى جبهات القتال ومجهود حربي فيده ملطخة بدماء اليمنيين الذين سقطوا على الجبهات حتى وإن لم يظهر يوما في صورة يحمل بندقية كما ان دوره تخطى حدود الداخل وأصبح جزء من شبكة غسيل أموال مرتبطة مباشرة بإيران وحزب الله تتدفق عبرها الأموال من صنعاء إلى بيروت ومن بيروت إلى طهران وفي دورة واحدة تعكس بوضوح أن المشروع الحوثي لم يكن يوما مشروع يمني وانما ذراع في جسد أوسع تديره إيران بأدواتها الطائفية العنصرية.

الارهابي الحمران مسؤول شبكة الولاءات المالية يعرف جيدا كيف يشتري الصمت وكيف يغري الخصوم بالمناصب وكيف يخنق المعارضون عبر الضرائب والمصادرات ويستخدم المال كسلاح أشد فتكا من الرصاص لأنه يقتل ببطء ويصنع طبقة من الانتهازيين المرتبطين بمصالحهم الخاصة أكثر من ارتباطهم بأي قضية وطنية وهو حلقة الوصل الأكثر حساسية فالرجل الموثوق به لنقل الأموال والتنسيق مع الداعمين الإيرانيين بما يجعل من اسمه مفصل في علاقة المليشيات بإيران لا موظف محلي.

الأخطر ما يمثله الارهابي إحسان الحمران ليس ما نهبه أو ما ابتكره من وسائل للابتزاز ولكونه نموذج حي لكيفية تحول الهاشمية السياسية إلى منظومة اقتصادية كاملة فالمشروع الذي بدأ بخطاب ديني طائفي وجد في الاقتصاد وسيلة لتكريس سلطته هو التجسيد الأوضح لهذه المعادلة بأن الثروة يجب أن تبقى محتكرة بيد السلالة وأن بقية الشعب محكوم عليه بالفقر والتبعية وبهذه الطريقة مارس الولاية بالاقتصاد كما يمارسها غيره بالسلاح والخطاب الديني وهو الوجه الذي يظهر ناعم خلف المكاتب لكنه لا يقل شراسة عن أولئك الذين يطلقون النار في الجبهات ضد اليمنيين.

كما ان النظر إلى شخصية كهذه يكشف البنية الداخلية للمشروع الحوثي فالحمران قاعدة تظهر كيف يدار اليمن اليوم سياسة ممزوجة بالاقتصاد ودين ممزوج بالمال وسلطة تقوم على السلاح والنهب معا وفي النهاية يبقى الرجل شاهد على مرحلة سوداء عندما تم تحول الاقتصاد إلى بندقية صامتة وصارت المؤسسات غطاء لعمليات السلب وصار الوطن كله رهينة لمجموعة تؤمن بأن لها الحق في الحكم والمال لمجرد أنها تنتمي إلى سلالة بعينها.

دور الأرهابي إحسان الحمران يمكن اختزاله بانه لم يطلق رصاصة لكنه صنع من المال رصاصة أطول مدى وأكثر تأثير ولم يظهر على الشاشات يخطب لكنه كان يوقع في الخفاء قرارات أسوأ من أي معركة ولم يكن موظف فاسد وكان ركن أساسي في مشروع ينهب الأرض والإنسان ويربط اليمن بخيوط الخارج ويبيع سيادته بثمن بخس في أسواق السياسة الإيرانية وعندما يكتب التاريخ عن هذه المرحلة سيقف عند اسمه كأحد أكثر الأدوات القذارة في يد المليشيات رجل جسد كيف تتحول الهاشمية السياسية إلى اقتصاد حرب وكيف يمكن لدفتر حسابات أن يكون قاتل مثل المدفع تماما.