الأحد 7 سبتمبر 2025 06:42 مـ 15 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”أين أبناؤنا؟!”.. مطالبات شعبية بالكشف عن الحقيقة وراء سلسلة اختطافات تعز

السبت 6 سبتمبر 2025 11:11 مـ 14 ربيع أول 1447 هـ
تعز
تعز

في خطوة استباقية وحاسمة تهدف إلى وقف تزايد جرائم اختطاف الأطفال التي أثارت رعبًا واسعًا في الشارع التعزي، أقرت اللجنة الأمنية العليا في محافظة تعز، اليوم السبت، إجراءات أمنية مشددة تقضي بمنع مغادرة أي طفل من منافذ المحافظة دون مرافقة أحد والديه أو ولي أمره الشرعي، مع التأكيد على ضرورة التحقق الدقيق من هوية الوالدين قبل السماح بعبور أي عائلة.

216.73.216.139

ويأتي هذا القرار في أعقاب سلسلة من الحوادث المروعة التي شهدتها المدينة خلال الأيام القليلة الماضية، كان أحدثها اختفاء ثلاثة أطفال من حي "الضربة العليا" في ظروف غامضة يوم أمس، ليرتفع بذلك عدد الأطفال المختفين إلى ستة في أقل من أسبوع، بعد أن تم الإبلاغ عن فقدان ثلاثة آخرين من حي "الجمحملية الشرقية"، عُثر عليهم لاحقًا في العاصمة عدن، في مؤشر يُرجّح تورط شبكات تهريب أو اتجار بالبشر.

موجة ذعر تجتاح الأحياء السكنية

أثارت هذه الوقائع موجة غضب وذعر غير مسبوقة بين الأهالي، الذين باتوا يعيشون في حالة تأهب قصوى، خشية أن يصبح أبناؤهم الضحية التالية لعمليات الاستدراج المنظمة. وانتشرت في الشوارع والأحياء صور الأطفال المفقودين، فيما تجمع ذووهم أمام مقرات الأجهزة الأمنية مطالبين بكشف الحقيقة وتقديم الجناة للعدالة.

وأكدت مصادر محلية أن العديد من الأسر بدأت باتخاذ إجراءات وقائية شخصية، مثل منع أطفالها من الخروج بمفردهم، أو الالتحاق برفقتهم إلى المدارس وحتى أسواق الأحياء، ما يعكس حجم الهواجس الأمنية التي باتت تسيطر على حياة السكان اليومية.

شبهات تورط عصابات منظمة في الاتجار بالبشر

تشير معلومات أولية وتحليلات أمنية إلى أن وراء هذه الجرائم عصابات منظمة تعمل بأسلوب محترف، تستخدم أساليب الإغراء – كتقديم حلويات أو ألعاب – أو التهديد لإجبار الأطفال على المغادرة معهم. وتدور شبهات خطيرة حول ارتباط هذه الشبكات بأنشطة الاتجار بالبشر، سواء عبر بيع الأطفال أو استغلالهم في أعمال التسول، أو استخدامهم في جرائم أخلاقية أو جنسية، في ظل غياب كامل للرقابة على نقاط التفتيش وحركة التنقل بين المحافظات.

وأشار مراقبون أمنيون إلى أن "الفجوة الكبيرة في البنية الأمنية، وضعف التنسيق بين الأجهزة، وغياب أنظمة المراقبة والرصد، شكّل بيئة خصبة لتمدد هذه الجرائم"، محذرين من أن استمرار الحال على ما هو عليه قد يحوّل تعز إلى نقطة عبور رئيسية لشبكات الاتجار بالبشر.

صرخات الأمهات تهزّ الضمير العام

في مشهد مؤثر، أطلقت أمهات الأطفال المختفين صرخات استغاثة علنية، طالبن فيها الأجهزة الأمنية بكسر صمتها وتقديم تقارير شفافة حول مجريات التحقيقات، مشيرات إلى أن التكتم والتضارب في المعلومات يزيد من معاناتهن ويزعزع الثقة في المؤسسات المسؤولة عن حماية المواطنين.

ووجهت إحدى الأمهات نداءً مؤثرًا: "ابني لم يُختَطَف، بل سُلِبَ من أمام عينيّ بينما كنت أشتري الخبز. أين الأمن؟ أين الدولة؟"، كلمات تُرجمت إلى مطالبات جماهيرية متزايدة بمحاسبة المقصّرين وفتح تحقيق فوري في أداء الأجهزة الأمنية.

اتهامات بالتقصير وتحذير من "تحول المدينة إلى غابة"

في المقابل، انتقد ناشطون حقوقيون ومجتمع مدني ما وصفوه بـ"التقاعس المقلق" من قبل الأجهزة الرسمية، مشيرين إلى أن "الرد البطيء وغير الكافي يُعدّ تهاونًا خطيرًا يهدد النسيج الاجتماعي بأكمله". وحذّر أحد النشطاء من أن "تعز قد تتحول إلى غابة لا ترحم الصغار، إذا لم تُتخذ إجراءات استثنائية الآن".

ودعا ناشطون إلى تشكيل خلية أمنية عاجلة تضم أجهزة الاستخبارات، والشرطة، والمخابرات، وقوات الطوارئ، لملاحقة الخاطفين وفك طلاسم هذه الجرائم، مطالبين بإطلاق حملة وطنية للبحث عن المفقودين قبل فوات الأوان.

دعوة للتعاون المجتمعي: حماية الطفل مسؤولية الجميع

في ظل تصاعد المخاطر، دعا مختصون في الشأن الاجتماعي والأمني إلى تكاتف مجتمعي واسع، يشمل الأهالي، والمدارس، والمنظمات المحلية، ووسائل الإعلام، للإبلاغ الفوري عن أي حالة مشبوهة. وأكدوا أن "حماية الطفولة ليست مسؤولية الأجهزة الأمنية فحسب، بل واجب وطني يقع على عاتق كل مواطن".

ودعا ممثلون عن المجتمع المدني إلى إنشاء غرفة عمليات مشتركة تتولى رصد البلاغات، وتوزيع الصور، وتنسيق جهود البحث، مشددين على أهمية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة فاعلة في إنقاذ الأرواح.

اللجنة الأمنية تتعهد بالمتابعة المستمرة

من جهتها، أكدت اللجنة الأمنية في تعز أن القرار الجديد لن يكون مجرد إجراء شكلي، بل سيُطبّق بصرامة في جميع المنافذ البرية والجوية، مع تكليف نقاط التفتيش بتفعيل كاميرات المراقبة، ورفع درجة الجاهزية القصوى. وأشارت إلى أن فرقاً أمنية خاصة تعمل على تتبع خيوط الجرائم، وجمع المعلومات من مصادر ميدانية ومجتمعية.

وأضافت أن "كل بلاغ عن طفل مفقود سيُعامل كحالة طارئة، ويُفتح تحقيق فوري فيه"، مؤكدة التزامها بالشفافية في إبلاغ الرأي العام بتطورات الملف.

رسالة أمل في وسط الظلام

رغم حالة القلق التي تلف المدينة، يصر الأهالي على التمسك بالأمل. "نحن لا نريد انتقامًا، نريد فقط أن نعود إلى بيوتنا بأطفالنا"، هكذا عبّر أحد الآباء، في تلخيص موجع لمعاناة آلاف الأسر. وفي انتظار أن تُستعاد البراءة، تبقى تعز تُناضل من أجل استعادة أمنها، وحماية أحلام أطفالها من أيدي الخاطفين.