فئة 200 ريال تُربك الأسواق في عدن.. لماذا يرفضها الصيدلي والبقال؟

تشهد العاصمة المؤقتة عدن حالة من الاستياء الواسع بين المواطنين، إزاء الصعوبات المتزايدة في التعامل مع الفئة النقدية الجديدة التي تم تداولها مؤخراً، خصوصاً فئة 200 ريال يمني، والتي باتت تُشكل عبئاً على المواطنين في معاملاتهم اليومية، سواء عند استلام الحوالات المالية أو أثناء التسوق في الأسواق والمحلات التجارية.
216.73.216.139
وأفاد عدد من السكان في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بأنهم يواجهون إرباكاً كبيراً نتيجة لرفض العديد من التجار والصرافين التعامل مع هذه الفئة، ما أدى إلى تعطيل عمليات البيع والشراء، وخلق حالة من البلبلة في الأسواق، خصوصاً في الأماكن الحيوية مثل المستشفيات ومراكز الخدمة العامة.
صعوبات في صرف العملات الأجنبية تزيد المعاناة
أحد أبرز مظاهر الأزمة يتمثل في الإجراءات التعجيزية التي تفرضها محلات الصرافة عند محاولة المواطنين صرف العملات الأجنبية، حيث أصبحت عمليات الصرف ترافقها شروط غير مسبوقة، تتضمن طلب معلومات شخصية مفصلة وأرقام هواتف، وتفاصيل عن مصدر الأموال، في ظل ما وصفه المواطنون بـ"إجراءات أمنية مشددة" لا تتناسب مع طبيعة المعاملات اليومية.
وأعرب كثير من المتعاملين عن استيائهم من بطء الإجراءات وتعقيدها، مشيرين إلى أن هذه الشروط تُبطئ من حركة الصرف، وتُصعّب على المغتربين وأسرهم استلام حوالاتهم بسلاسة، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وحاجة الناس الملحة للنقد.
التجار يرفضون فئة 200 ريال.. والسبب نقص الفئات الصغيرة
من جهة أخرى، يعاني المواطنون من رفض واسع من قبل التجار وأصحاب المحلات، خصوصاً في المستشفيات والصيدليات، لقبول فئة 200 ريال، ما يُجبر المتسوقين على البحث عن فئات صغيرة للدفع، في وقت لا تتوفر فيه هذه الفئات بشكل كافٍ.
وأوضح عدد من الباعة أن سبب الرفض يعود إلى شح الفئات النقدية الصغيرة، ما يجعلهم غير قادرين على إعطاء "الباقي" للمستهلكين، وبالتالي يفضلون رفض الفئة الجديدة تفادياً لخسارة العملاء أو التعرض للإحراج أثناء المعاملات.
اختفاء الفئات الكبيرة يعمق الأزمة
وتتفاقم المشكلة مع اختفاء شبه تام للفئات النقدية المحلية الكبرى، مثل 500 و1000 ريال يمني، من الأسواق، ما يضطر المواطنين إلى الاعتماد بشكل متزايد على الفئات الجديدة، التي لم تُعتمد بعد بشكل واسع في الدورة الاقتصادية.
وأشار خبراء اقتصاديون إلى أن غياب الفئات الكبيرة يُعد مؤشراً على ضعف السيولة المحلية، وربما يعكس تأثيرات الأزمة الاقتصادية المستمرة، إضافة إلى سوء إدارة السياسة النقدية في ظل الانقسامات المؤسسية بين البنك المركزي في عدن والبنك المركزي في صنعاء.
مطالبات بالتدخل العاجل من البنك المركزي
في ظل تفاقم الأزمة، دعا عدد كبير من المواطنين، ومنظمات مجتمع مدني، وناشطين اقتصاديين، البنك المركزي اليمني في عدن إلى التدخل الفوري لمعالجة هذا الوضع، عبر:
- تسهيل إجراءات صرف العملات الأجنبية، ووقف ما وصفوه بـ"الإجراءات البيروقراطية المفرطة".
- ضمان تعميم قبول الفئة النقدية الجديدة (200 ريال) في جميع الأسواق والمرافق العامة، من خلال حملة توعوية ورقابة على التجار.
- إعادة تدفق الفئات النقدية الصغيرة والكبيرة إلى الأسواق، لتخفيف الضغط على المواطنين.
- توفير كميات كافية من الفئات الصغيرة (50، 100 ريال) لتمكين التجار من إعطاء "الباقي" للمستهلكين.
وأكد المتضررون أن استمرار هذه الفوضى النقدية يُفاقم من معاناة السكان في ظل انهيار العملة وارتفاع معدلات الفقر، ويدعو إلى تدخل حكومي وبنكي عاجل لاستعادة الثقة في النظام النقدي، ومنع تفشي "اقتصاد البارونات" القائم على الانتهاكات اليومية للمواطنين.
خلاصة: نداء من عدن لإنقاذ الاقتصاد المحلي
ما يجري في عدن اليوم ليس مجرد أزمة فئة نقدية، بل مؤشر على تدهور أعمق في البنية الاقتصادية والنقدية، يتطلب وقفة جادة من قبل السلطات المسؤولة. ففي الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى استعادة مؤسساتها، فإن تعثر أبسط المعاملات اليومية يُفقد الناس الأمل في أي تحسن مرتقب.