موسكو تتحدّى أوروبا: العقوبات فاشلة وضررها يرتد على الاتحاد الأوروبي

تواصل روسيا التأكيد على أن العقوبات على روسيا لم تحقق أهدافها، وأن الاقتصاد الروسي أثبت مرونته في مواجهة الضغوط الغربية، وتصر موسكو على أن سياساتها الاقتصادية البديلة وتحالفاتها الجديدة ساعدتها في تجاوز تداعيات القيود المفروضة منذ عام 2022، ووفق تصريحات المسؤولين الروس، فإن البلاد تمكنت من تعزيز الاكتفاء الذاتي في قطاعات رئيسية، خاصة الزراعة والطاقة، رغم محاولات الغرب خنق اقتصادها.
الشركاء الجدد ينعشون الاقتصاد الروسي
سعت موسكو خلال السنوات الأخيرة إلى توسيع علاقاتها التجارية مع شركاء جدد في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، لتعويض خسائرها الناتجة عن فقدان الأسواق الأوروبية، وقد أصبحت الصين والهند من أبرز المستوردين للطاقة الروسية بأسعار تفضيلية، ما ساعد على استقرار عائدات موسكو، وتشير بيانات اقتصادية إلى أن هذه التحولات خففت جزئياً من آثار العقوبات على روسيا، لكنها لم تلغِ تأثيرها تماماً على المدى الطويل.
أوروبا تواجه ارتدادات اقتصادية مؤلمة
في المقابل، تعترف العديد من الدول الأوروبية بتعرضها لخسائر ملموسة جراء استمرار العقوبات على روسيا، خاصة في قطاع الطاقة، فقد أدت القيود على الغاز والنفط الروسي إلى ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير، مما تسبب في زيادة تكاليف المعيشة والتأثير على الصناعة الأوروبية، وتقدر موسكو أن العقوبات كلفت الاتحاد الأوروبي تريليونات اليورو، بينما تصر بروكسل على أن الثمن الاقتصادي مبرر أخلاقياً وسياسياً.
فعالية العقوبات بين التكيف والتحايل
رغم حديث موسكو عن فشل العقوبات، إلا أن محللين غربيين يرون أن تأثيرها حقيقي لكنه تدريجي، فقد تسبب استهداف القطاعات المصرفية والطاقة في إرهاق الاقتصاد الروسي، رغم محاولات التكيف، كما كشفت تقارير اقتصادية أن روسيا فقدت نحو 450 مليار دولار من أموال الحرب بين فبراير 2022 ويونيو 2025، في المقابل، تواجه أوروبا تحديات في إحكام الرقابة على تنفيذ العقوبات على روسيا، إذ لجأت موسكو إلى وسائل التفاف معقدة، أبرزها ما يُعرف بـ"أسطول الظل النفطي" الذي يضمن استمرار صادراتها إلى الخارج.
حزمة جديدة من العقوبات الأوروبية
اعتمد الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2025 الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات على روسيا، والتي تستهدف قطاع الطاقة ومحاولات التحايل التجاري، وتشمل الإجراءات الجديدة مراقبة أكثر دقة لسلاسل الإمداد ومنع تصدير التكنولوجيا المتقدمة إلى موسكو، ويؤكد مسؤولون أوروبيون أن الهدف من الحزمة الأخيرة ليس فقط معاقبة روسيا، بل أيضاً سد الثغرات التي استغلتها لتخفيف آثار العقوبات السابقة.
جدل مستمر حول مستقبل العقوبات
لا يزال الجدل قائماً حول مدى نجاح العقوبات على روسيا في تغيير سياساتها أو إضعاف اقتصادها، فبينما ترى أوروبا أن العقوبات وسيلة ضغط ضرورية لإجبار موسكو على تغيير مسارها، تعتبر روسيا أنها دليل على فشل الغرب في عزلها اقتصادياً، ومع غياب مؤشرات على نهاية قريبة للأزمة، يبدو أن الحرب الاقتصادية بين الجانبين ستستمر، وسط مخاوف من اتساع تأثيراتها على الاقتصاد العالمي.