الأربعاء 17 سبتمبر 2025 11:09 مـ 25 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

فاجعة مزدوجة تُدمي القلوب: شقيقان يُفارقان الحياة في يومٍ واحد بطورالباحة.. والصدمة تُخيّم على أهالي القرية

الخميس 18 سبتمبر 2025 12:18 صـ 26 ربيع أول 1447 هـ
تعبيرية
تعبيرية

في حادثةٍ نادرةٍ تخطّت حدود المألوف، وتركت جرحًا عميقًا في نفوس أهالي قرية البريح بمديرية طورالباحة بمحافظة لحج، ودّعت الأسرة الواحدة شقيقين من أبنائها في يومٍ واحد، في مشهدٍ إنساني مؤلمٍ هزّ كيان المجتمع المحلي، وأثار موجةً عارمةً من الحزن والتعاطف.

216.73.216.105

بدأ المشهد المأساوي فجر اليوم، حين لفظ نبيل عبدالعزيز الشرفي، أحد شباب القرية، أنفاسه الأخيرة بعد صراعٍ مع المرض، ليتم نقل جثمانه إلى المستشفى الألماني في العاصمة عدن، استعدادًا لتشييع جنازته ووداعه الأخير. وبينما كانت الأسرة المكلومة وأهالي القرية يتهيأون للقاء الوداع الأخير، ويُعدّون العُدّة لمواساة بعضهم البعض في محنة الفقد، كان القدر يخبئ لهم مفاجأةً قاسيةً لم تكن في الحسبان.

ففي طريقه إلى المستشفى، مُسرعًا للحاق بجنازة أخيه، تعرض الشقيق الأصغر، عبدالله عبدالعزيز الشرفي، لحادث مروري مروع على إحدى الطرق المؤدية إلى عدن. الحادث، الذي وقع في ظروف غامضة لا تزال قيد التحقيق، أودى بحياة عبدالله على الفور، ليُصبح بذلك ثاني فقيدٍ يُودّعه أهله في نفس اليوم، وفي ظروفٍ متتاليةٍ تُشبه الكابوس.

لم يُصدق أهالي القرية الخبر حين سمعوه أول مرة. فكيف لشقيقين أن يُفقدا في يومٍ واحد؟ كيف لقلب الأم أن يحتمل؟ وكيف للأب أن يُدفن ثمرة فؤاده مرتين في ساعاتٍ معدودة؟ أسئلةٌ موجعةٌ تملّكت الجميع، وسط صمتٍ ثقيلٍ ودموعٍ غزيرةٍ لم تُجفّها رياح التعزية.

وانتشر خبر الفاجعة كالنار في الهشيم بين أرجاء طورالباحة ومناطق لحج المجاورة، فتدفّق الأهالي من كل حدبٍ وصوبٍ لتقديم واجب العزاء، ومواساة الأسرة المنكوبة التي تعيش لحظاتٍ لا تُوصف، فيما عبّر مشايخ ووجهاء المنطقة عن صدمتهم وحزنهم العميق، واصفين الحادثة بأنها "كارثة إنسانية نادرة"، وداعين الله أن يُلهم الأهل الصبر والسلوان.

وقال أحد أقارب الفقيدين: "لم نشهد في حياتنا مثل هذا اليوم.. كنا نجهّز لوداع نبيل، وإذا بنا نجهّز لوداع عبدالله.. لا نملك إلا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون".

وأضاف: "الحادث المروري الذي أودى بحياة عبدالله وقع وهو في طريقه لوداع أخيه، وكأنه لم يُحتمل أن يراه ميتًا، فاختار أن يلحق به.. قلبٌ لا يحتمل الفراق، فاختار أن يُدفن معه".

ووسط الحزن المُطبق، تتجه الأنظار إلى الجهات المختصة لمعرفة ملابسات الحادث المروري، فيما تُطالب الأسرة والمجتمع المحلي بضرورة التحقيق في الحادث، وتحديد أسبابه، خاصةً في ظل تكرار حوادث السير في الطرق الواصلة بين لحج وعدن، والتي تُعدّ من أكثر الطرق خطورةً في المحافظة.

وفي الوقت الذي تُغلّف فيه السكينة الحزينة أجواء القرية، وتُرفع الأكفّ بالدعاء للفقيدين، يبقى هذا اليوم الأسود علامةً فارقةً في ذاكرة أهالي طورالباحة، يومٌ لن يُنسى، ويومٌ سيُروى لأجيالٍ قادمةٍ كقصةٍ مؤلمةٍ عن قدرٍ قاسٍ، وأسرةٍ صمدت أمام أعظم اختبارٍ يمكن أن يواجهه الإنسان: فقدان الحبيبَين في لحظةٍ واحدة.

إنا لله وإنا إليه راجعون... اللهم ارحم نبيلًا وعبدالله، واغفر لهما، واجمعهما في جنات النعيم مع الصالحين، وصبراً لأهلهما وجبرًا لقلوبهم.