ناشط يمني يُعلن مغادرته البلاد بعد تفتيش ”مستفز” لابنتيه الطبيبتين في نقطة تفتيش حوثية

أعلن الناشط الحقوقي نذير الأسودي، في شهادة مؤثرة وغاضبة، عزمه على مغادرة اليمن نهائياً، بعد حادثة تفتيش "مستفزة" تعرضت لها ابنتاه الطبيبتان في نقطة تفتيش تابعة للسلطات في شارع 14 أكتوبر بأمانة العاصمة، ما أثار مخاوف واسعة بشأن تدهور الحريات الشخصية وازدياد الانتهاكات بحق المدنيين، خصوصاً النساء.
216.73.216.165
وقال الأسودي في تصريحات صحفية: "أمس العصر، كانت ابنتاي الطبيبتان في طريقهما إلى البيت بعد يوم عمل شاق في العيادة، حين فوجئتا بحاجز أمني في شارع 14 أكتوبر، قرب محطة البترول، حيث أوقفهما الجنود وبدأوا بتفتيش السيارة بشكل دقيق". وأضاف أن "الشرطة النسائية التي كانت متواجدة في النقطة لم تكتفِ بتفتيش المركبة، بل انتقلت إلى تفتيش هواتف الفتاتين، حيث قلّبت الصور وقرأت الرسائل الشخصية، في مشهد وصفه بـ'المهين' و'المستفز'".
وأعرب الأسودي عن استيائه الشديد من هذا التحوّل في سلوك الأجهزة الأمنية، قائلاً: "هذا تطور خطير في النظام الحاكم الذي كنا نفاخر به الآخرين، ونقول إننا لا نتعرض للنساء كما يفعل غيرنا. واليوم نرى أنفسنا ننزلق إلى ذات الممارسات التي كنا ننتقدها".
وتساءل الأسودي بسخرية مريرة: "أفرضوا أن الهاتف احتوى على صورة للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، أو على نشيد ثوري... هل كنتم ستسجنون ابنتيّ لمجرد ذلك؟"، مُشدّداً على أن ما حدث ليس مجرد تفتيش أمني روتيني، بل "استهداف ممنهج للكرامة الإنسانية".
وأشار إلى أن الحادثة تركت أثراً نفسياً عميقاً في ابنتيه، اللتين "عادتا إلى المنزل وهما تبكيان من الخوف والصدمة، ورفضتا العودة إلى عملهما في العيادة"، مطالبتين والدهما بالبحث عن أي فرصة للهجرة. وقال: "طلبتا منّي أن ننتقل إلى أي دولة، حتى لو كانت بعيدة، لأنهما لم يعودا يشعران بالأمان في شوارع مدينتهما، واعتبرا أن قريتنا دبع ستظل المكان الوحيد الآمن لنا".
وأضاف الأسودي، بصوت يملؤه الألم والندم: "نعم، قررت أن أرحل نهائياً من اليمن. لا شمال فلح، ولا جنوب فلح... أنا الغبي الذي رفض المغادرة في وقتها، وفضل البقاء تحت القصف مع الناس، ظناً مني أن الوضع سيتحسن، أو أن الوطن سيعود يوماً ما إلى ما كان عليه".
وتأتي هذه الشهادة في وقت تشهد فيه مناطق متعددة من اليمن تصاعدًا في الانتهاكات الأمنية والقيود على الحريات، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة جهات مسلحة، ما يثير مخاوف منظمات حقوقية دولية ومحلية من تدهور إضافي في وضع المدنيين، لا سيما النساء والكوادر الطبية التي أصبحت عرضة للمضايقات أثناء تأدية واجباتها الإنسانية.
ويُعدّ الأسودي من الوجوه المعروفة في الحراك المدني اليمني، وقد عُرف بمواقفه النقدية تجاه جميع الأطراف الفاعلة في الصراع، داعياً دائماً إلى احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، حتى في أحلك الظروف.