الخميس 9 أكتوبر 2025 08:30 مـ 17 ربيع آخر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

اتفاق غزة يعري الحوثي

الخميس 9 أكتوبر 2025 07:44 مـ 17 ربيع آخر 1447 هـ
أحمد  الشميري
أحمد الشميري

لم يكن بيان حركة «حماس» الأخير، الذي أعلنت فيه تأييدها لخطة السلام الأمريكية وشكرها للرئيس دونالد ترمب، حدثًا عابرًا في المشهد السياسي، بل كان بمثابة لحظة فاصلة أسقطت أحد أكبر الادعاءات التي روّج لها الحوثي طوال الأشهر الماضية، حين زعم أنه يخوض حربًا في البحر الأحمر "نصرةً لفلسطين وغزة"، بينما هو يتاجر بالقضية الفلسطينية وبدماء الأبرياء في القطاع المحاصر، ويسعى لاختلاق الذرائع لتدمير وطننا الحبيب وقتل شعبنا.

لقد انكشف الغطاء عن الحوثي، ولم يعد ما يستر حقيقته الكريهة، بل إن اتفاق «حماس» مع الإدارة الأمريكية يفتح نافذة أوسع للقضاء على هذه العصابة الإرهابية الحوثية، التي نشرت الفوضى والإرهاب في المنطقة والعالم، عبر إطلاق الصواريخ واستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر.

الشعارات التي يرفعها الحوثي منذ أكثر من عقدين لم تكن يومًا من أجل فلسطين، بل كانت وسيلة لقتل الشعب اليمني وتبرير جرائمه. أما الشعب الفلسطيني نفسه، بما في ذلك حركة «حماس»، فيدرك جيدًا أن الحوثي ليس سوى أداة تخدم أجندة إيران ومصالحها، بل وتلتقي في بعض سياساته مع أهداف إسرائيل. لذا جاء بيان «حماس» واضحًا في شكر من وقف مع الشعب الفلسطيني، وتجاهل الحوثي تمامًا، لأنها تعلم أن ما يفعله لا يخدم فلسطين، بل يخدم مصالح طهران وتل أبيب معًا.

إن هذا الاتفاق اليوم، بعد أشهر من التصعيد والإرهاب الحوثي في البحر الأحمر، لا يمثل نهاية للحرب، بل بداية لتحديد الأهداف الفعلية للمجتمع الدولي وخصوصاً تلك المليشيات التي تشكّل خطرًا حقيقيًا على الأمن والسلم الدوليين، وعلى رأسها الحوثي ومحور الشر الإيراني.

والمثير للسخرية أن إيران والحوثي يزعمان أن هجماتهما تأتي نصرة لغزة، بينما وقّعت طهران اتفاق هدنة مع إسرائيل دون أن تذكر غزة أو دماء أبنائها بكلمة واحدة، أما الحوثي، الذي يسعى هو الآخر لهدنة مع واشنطن، فلم يشترط وقف الحرب على غزة، بل جعل من القضية الفلسطينية مجرد شعار أجوف ومطلب حق يُراد به باطل، لا وجود له في أجندته الواقعية.

التناقضات في الخطاب الحوثي باتت فاضحة؛ ففي الوقت الذي تشكر فيه «حماس» ترمب، يلوح ترمب بالتوجه للقضاء على الحوثي، بينما يزعم الحوثي أنه يقاتل من أجل حماس! معادلة عبثية تختصر جوهر المشروع الإيراني الذي يجمع بين التناقضات ويغذيها بخطاب "المقاومة" المزيّف.

الحقيقة التي لم يعد ممكنًا إخفاؤها أن الحوثي لا يقاتل لأجل فلسطين، بل لأجل بقاء نفوذ إيران في المنطقة. وقد اتخذ من غزة ستارًا للهروب من أزماته الداخلية، وتلميع صورته الملطخة بدماء اليمنيين. لكن الجميل أن الفلسطينيين أنفسهم باتوا يوجّهون له رسالة واضحة: "إذا أردت نصرتنا، فأوقف قتل الشعب اليمني"، في إشارة إلى أن كذبه لم يعد ينطلي على أحد.

استفزازات الحوثي المستمرة للجيش الوطني في عدد من الجبهات طوال الشهور الماضية، لن يمرّ ردها بعد اتفاق غزة كما كان قبلها. فالكثيرون كانوا يتحفّظون خشية أن يستغل الحوثي معارك جديدة لتضليل اليمنيين بشعاراته الكاذبة، أما اليوم فقد انتهت حجّته بانتهاء حرب غزة، ولم يعد هناك مبرر لاستمرار جرائمه. المعركة المقبلة ستكون فاصلة، ولن تكون يمنية أو إقليمية فحسب، بل ستحظى بدعم دولي واسع وإرادة حاسمة لاجتثاث هذا الخطر.

وخلاصة الأمر، لقد حان الوقت ليُدرك اليمنيون أن معركتهم الحقيقية مع الحوثي قد اقتربت نهايتها، وأن سقوط هذه المليشيا بات قاب قوسين أو أدنى. ففزاعة غزة ومزاعم "القتال ضد إسرائيل" انتهت، ولم يبقَ أمام الحوثي ما يبرر جرائمه بحق الشعب اليمني واختطافه المستمر له.