رواية ميدانية صادمة تدحض رواية الحوثيين بشأن اغتيال الطبيبة وفاء المخلافي بصنعاء.. كيف جرى تتبعها وقتلها ولماذا؟
أكد وزير الإعلام معمر الإرياني، مليشيا الحوثي بالوقوف وراء جريمة مقتل الدكتورة وفاء صدام المخلافي في حي الحصبة بصنعاء، واعتبرها "فصلاً جديداً من فصول الفوضى الأمنية والعبث الذي تمارسه المليشيا بحق المواطنين في العاصمة المختطفة".
وأوضح الإرياني في تصريحات اليوم الأحد، أن المليشيا الحوثية سارعت إلى طمس الحقائق وتغيير مسار الحادثة، في محاولة للتغطية على تورط عناصرها، وإعادة صياغة الرواية بما يخدم صورتها المتهاوية أمام الرأي العام. وأضاف أن الرواية التي أعلنتها المليشيا بعد مرور أكثر من 72 ساعة على وقوع الجريمة جاءت متناقضة من حيث الزمان والتفاصيل مع ما أكده شهود العيان، وخالية من أي إشارة إلى دوافع الجريمة أو هوية مرتكبيها، ما يكشف عن محاولات منظمة لخلط الوقائع وإخفاء الأدلة.
وأشار الوزير إلى أن المليشيا لم تكتف بالتحفظ على جثة الضحية والسيارة الخاصة بها، بل أقدمت على اختطاف ابن عمها، واقتحام منزل الأسرة واعتقال ثلاثة آخرين، في خطوة وصفها بأنها تهدف إلى إرهاب الأسرة وإجبارها على تبني الرواية الحوثية الملفقة.
وبحسب مصادر ميدانية، أفاد الإرياني أن الدكتورة وفاء كانت قد استلمت حوالة مالية بالدولار الأمريكي من إحدى شركات الصرافة، وأن عناصر تابعة لما يسمى "جهاز الأمن والمخابرات" كانت تتبعها حتى لحظة الجريمة. وأوضح أن الضحية قاومت محاولة إيقافها، ما أدى إلى تطور الموقف إلى مشهد دموي انتهى بمقتلها، متسائلاً: "هل كانت الرصاصة التي أودت بحياتها من سلاح تلك العناصر؟ أم نتيجة اشتباكهم مع أحد سكان الحي كما تدّعي المليشيا؟"
وأكد الوزير أن المليشيا الحوثية سارعت إلى حبك رواية بديلة تظهر الجريمة كحادث جنائي ارتكبه شبان مجهولون بدافع التسلية، متجاهلة الدوافع الحقيقية، وممتنعة عن الكشف عن علاقة المتورطين بأجهزتها الأمنية، أو توضيح أسباب احتجاز الأسرة ومصادرة هواتفها.
واختتم الإرياني تصريحاته بالتأكيد على أن هذه الجريمة تعري مجدداً حقيقة ما يسمى بـ"جهاز الأمن والمخابرات" التابع للمليشيا، الذي وصفه بأنه "أداة للتتبع والابتزاز والقتل خارج القانون"، مشيراً إلى أن الانفلات الأمني في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين بلغ مستويات خطيرة، حيث لا أمن إلا لأتباع الجماعة، ولا عدالة إلا بمقدار الولاء لها.
وطرح الوزير في ختام حديثه عدة تساؤلات أمام الرأي العام: "لو كانت الجريمة كما وصفتها المليشيا، فلماذا تأخر التوضيح ثلاثة أيام؟ ولماذا اختُطف أفراد أسرة الضحية؟ ولماذا يُمارس هذا الكم من التهديد على الشهود؟ ولماذا كل هذا التعتيم حتى الآن؟".
وأمس السبت، أصدرت ما تسمى بوزارة الداخلية في حكومة مليشيا الحوثي غير المعترف بها دوليًا، بيانًا هو الثاني خلال ساعات، بشأن جريمة مقتل الطبيبة وفاء صدام حامد الباشا المخلافي (35 عامًا)، التي قُتلت مساء الجمعة 31 أكتوبر قرب مبنى وزارة الإعلام في حي الحصبة بالعاصمة صنعاء.
ووفقًا للبيان الحوثي، طالعه "المشهد اليمني" فإن ما تسمى بشرطة العاصمة ألقت القبض على جميع المتهمين في الجريمة، مشيرة إلى أن المجني عليها كانت داخل سيارتها من نوع "كيا سول" عندما أقدم كل من المدعو محمد جبران سويد القيسي (20 عامًا) والمدعو عصام محمد يحيى العقيدة على كسر نافذة السيارة والاعتداء عليها، ما أدى إلى تجمّع عدد من سكان الحي.
وأضاف البيان أن المتهم الثاني، عصام العقيدة، أجبر الضحية على الانتقال إلى المقعد الخلفي، ثم قاد السيارة محاولًا الفرار من الموقع، قبل أن يقوم من قالت إنه أحد سكان الحي، ويدعى عبدالرحمن ماجد محمد السويدي، بإطلاق النار على السيارة، ما أدى إلى إصابة الطبيبة بطلق ناري أودى بحياتها على الفور.
وبحسب البيان، فإن المتهم العقيدة أوقف السيارة بعد اكتشاف مقتل الضحية، ثم لاذ بالفرار، فيما باشرت أجهزة المليشيات التحقيقات فور تلقي البلاغ، وتمكنت من ضبط جميع المتورطين في الواقعة، ولا تزال التحقيقات جارية.
غير أن مصادر محلية وشهود عيان قدّموا رواية مغايرة، أفادت بأن الطبيبة وفاء المخلافي، وهي من محافظة تعز، كانت قد غادرت أحد محلات الصرافة في حي الحصبة، حين اعترض طريقها مسلحون يُشتبه بانتمائهم لمليشيا الحوثي، وأطلقوا النار عليها مباشرة داخل مركبتها، ما أدى إلى وفاتها في الحال، قبل أن يلوذ الجناة بالفرار.
وتأتي هذه الجريمة في ظل تصاعد الانفلات الأمني في العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وسط تزايد حوادث القتل والنهب، في مناطق سيطرة المليشيات.













