الخميس 19 يونيو 2025 06:16 صـ 23 ذو الحجة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

الفنان الراحل محمد مرشد ناجي وحكايته مع اغنية (حوشه) والتي صارت تعكس واقع اليمن اليوم

الأحد 13 مارس 2016 06:31 مـ 4 جمادى آخر 1437 هـ
محمد رشد
محمد رشد

حينما نتحدث عن الفن والغناء عندها يخطفنا الحديث عن جمال، الحب والحياة والوطن وحول هذه الممارسة الراقية التي يعيشها أي كائن حين يستمع الي الأغاني التي تسكننا منذ البدء وتكبر معنا، لذلك فهي تؤثر فينا كثيراً وتشكل جزءاً من شخصيتنا شئنا أم أبينا.

وعند الحديث عن حب الوطن يظهر الفن كركيزة أساسية تعزز الانتماء لدى الشعوب نحو أوطانها ولذلك فإن الغناء للوطن أمر حساس، ويتعلق بمبادئ أساسية لا يجب المساومة عليها ولا يمكن أن تسمي أغنية وطنية إذا كان هدفها المادة أو الشهرة أو نيل الحظوة لدى الحكام أو كيل المديح للشخصيات.

وهناك الكثيرون من الفنانون اليمنيون ممن تغنوا بالغزل بحب الوطن و ممن كانوا يعيشون ظروف قاسية في الغربة فحاول الكثيرون من هولا الفنانون الإبداع عندما كانوا مغتربون عن أوطانهم ان يسجلوا لمسة إبداع عبر أغانيهم والتي كانوا يتغزلون بها بحب الوطن والانتماء إلي الأرض لهذا سيكون ضيفنا في هذه الحلقة فنان يمني ممن تغزل بالوطن كثيرا من خلال أغانيه الوطنية آو الغزلية التي باتت جميعها تمجد حب الوطن .

وقفة أبداع نسطرها مع الفنان الراحل محمد مرشد ناجي الذي ينتمي إلي قرية ريفية في محافظة تعز ويقول الفنان محمد مرشد ناجي قبل موته إن التغني بالوطن هو صورة من صور المواطنة الصالحة بل أيضا تعتبر شكلا من إشكال ترسيخ الوطن في قلوب من يحبون هذا الوطن والذي ليس لنا عنه بديل فالوطن هو ارض الأجداد والإباء وهو بداية حاضرنا ويمثل مستقبل الأبناء وكل ما ننجزه ونحققه في حياتنا يكون سعيا لرفعة الوطن وتقدمه وهذا ما نسعى له دائما وابدأ ونحن في سبيل الوطن نقدم الغالي والرخيص ونفدي اوطاننا بدمائنا فكم من شهيد روى بدمه ارض الوطن في سبيل حمايته وفي النشيد الذي يتكلم عن الوطن يجعله شيئا مختلفا في قلوبنا يستيقظ ويشعلنا حماسة فترى الشعراء يمجدون كل معاني الوطنية في إشعارهم وقصائدهم بشكل حماسي كمثل ما ورد في إحدى أغانيه الغزلية التي تمجدت بالوطن وتقول مطلعها بحبك مدى عمري ولا بقول لأحد سري و حبيبي حبيب روحي تأكد ما معي غيرك تأكد ان لك قلبي فكانت هذه الأغنية الغزلية لفنانا الراحل محمد مرشد ناجي الذي مجد بها حب الوطن بطريقته الخاصة .

وفي مقال كان قد كتبه أ/راشد محمد ثابت في صحيفة الثورة قال فيه عن الفنان الراحل محمد مرشد ناجي واصفا حياته ومعاناته لم تكن حياة الفنان المرشدي خالية من المتاعب والمصاعب فقد تعرض الفنان للتعسف على نطاق الوظيفة في المؤسسات الحكومية والشركات التي عمل فيها، حين تعرضت أعماله الفنية للتوقيف في أكثر من مناسبة ومنعت عنه أجهزة الإعلام تسجيل الأغاني الوطنية، وتعرضت الحفلات الفنية التي كان يقيمها الفنان في المدن الرئيسية والأحياء الشعبية للتوقيف والمصادرة، كما منع من السفر إلى خارج عدن للأغراض الفنية، وظل تحت المراقبة والتهديد من قبل الاستخبارات البريطانية بسبب اصراره على الإنتاج المستمر للأناشيد والأغاني الوطنية التي تمجد كفاح الشعب وتدعو إلى الثورة ضد الاستعمار وعملائه، وبقي المرشدي يتجدد ألحاناً وأناشيداً، وبقيت أغانيه الحماسية نشيد المواطن اليمني في كفاحه المستمر ضد الاستعمار والإمامة حتى فجر الانتصار وتحقيق الاستقلال الناجز..

فكان الفنان المرشدي كما عرفنا عنه من أقربائه ومحبيه يصرف جل أوقاته في صياغة الألحان التي ترضي أذواق المستمع وتطرب لها الوجدان والقلوب وكان إحساس الفنان بالواقع يتماثل تماماً مع موقفه الشعوري الذي يتجسد بصيغة الألحان المعبرة تعبيراً صادقاً عن رؤيته للحياة وانحيازه لأبناء وطنه من أصحاب الجباه العرقانة والقلوب العامرة بالحب والوئام والأمل، ومن واقع هذه السمات البارزة في حياة الفنان محمد مرشد ناجي كان يقضي الأيام والليالي في خيمته الإبداعية وهو يعتصر طرباً على أوتار عوده حتى يخرج بحصيلته اللحنية التي تشجي الوجدان وترضي الأذواق المتعطشة لجديد هذا الفنان المبدع من الأغاني الوطنية، والوصفية، والعاطفية.

واما الزميلة الصحفية و الاعلامية فردوس العلمي فهي الأخرى كانت قد كتبت مقالا عن الفنان الراحل محمد مرشد ناجي وسطرت كلمات رائعة عنه بانها حاولت ان تفتش في دفاتر الذكريات لان تبحث عن شيء يخص هذا القامة الفنية التي رحلت ليعم الحزن فخسرت الساحة الفنية برحيله وقالت بانه يعتبر صوت لا يتكرر وحسب قول الفنان الراحل محمد مرشد ناجي المقلب بــ أبو علي لــ الصحفية فردوس العلمي بانه يعتبر ان الأغنية الناجحة هي التي تحمل التعبير الفني للكلمة وطنياً وعاطفياَ وليس هناك فرق بين الفن و السياسة حسب راية .

ويتحدث كذلك الفنان الراحل محمد مرشد ناجي بانه كان يهتم بالسياسة قدر اهتمامه بالفن ويقول بانه غادر الوطن أكثر من مرة الى الخليج وذلك سبب منعي من الخروج لتلبية الدعوات الفنية والتي كانت توجه لي من الخليج والسبب في اعتقاده " رفضه القاطع لتمجيد السلطة من خلال الأغاني الوطنية ".

وهنا نروي قصة طريفة وفكاهية مضحكة حصلت لــ الفنان الراحل المرشدي وهو من تحدث بها الينا عندما قبل ان ينتقل الي جوار ربه حينما كنا مخزنين معه في ديوان (الايام ) وكان المرشدي يجلس الي حينها الي جوار الاستاذ المناضل الراحل هشام بشراحيل رئيس تحرير صحيفة الايام العدنية والي جانبه الدكتور عبدالعزيز طرموم استاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء والاستاذ راشد محمد ثابت وايضا الاعلامي الراحل عبدالرحمن خبارة وغيرهم من الشخصيات البارزين ولكن لا يتسع الحديث لذكر اسمائهم فحينها تحدث الينا المرشدي بانه اثناء مقابلة تلفزيونية اجرت معه على الهواء مباشرة عبر الفضائية اليمنية اتصل به احد المعجبين من خارج اليمن وبعد ان استمع الي أغانيه الرائعة من خلال تلك المقابلة وبداء في بداية حديثة يشيد بالمرشدي وبطريقة فنه الرائع ويقول له انت فنان عظيم اريد منك تغني لنا اغنية حوشه فجري الحوار بين المتصل وبين الفنان المرشدي فرد المرشدي على المعجب المتصل ماذا تقول مطلع الاغنية التي تسميها حوشه فرد علية المتصل تلك الاغنية اللي يصبح فيها اليمني في وضع حوشه والتي تقول بدايتها لا تشلوني ولا تطرحوني ويصبح الواحد في حوشه فضحك حينها المرشدي مبتسما من اعماق قلبه فتحدث قائلا مع المتصل بان هذه الاغنية هي ليست من اغانيه وانماء من اغاني زميله الفنان احمد السنيدار وحتى ان الزميلة المذيعة مايسة ردمان التي كانت تجري اللقاء مع المرشدي ضحكت على الهواء حتى انسكبت دموعها من كثرة الضحك وربما اصبحنا نحن اليمنيين اليوم تنطبق علينا اغنية حوشه .

ورحم الله الفنان اليمني الكبير الراحل محمد مرشد ناجي ونحن هناء نسطر له الحكاية لنؤكد له بعد وفاته بان إبداعه الفني المتألق سيضل محفورا في ذكرياتنا وفي صفحات التاريخ اليمني.