السبت 9 أغسطس 2025 12:57 مـ 15 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

عزتها في وحدتها

الثلاثاء 30 يناير 2018 02:24 مـ 14 جمادى أول 1439 هـ
عزتها في وحدتها

لعلَّ من منطلقات المشكلات التي نعاني منها اليوم كشعب و(كأمة!) تلك المسلمات التي صاغتها الأحداث وقيادات الشعوب العربية في فترة حروب التحرر من الاستعمار الأوروبي وذيوع مفاهيم المقاومة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي.

من المشكلات الأساسية التي يواجهها الإنسان حتى على المستوى الشخصي تكمن في مسلماته. بقدر ما هي ضرورات في بعض المواقف تكون سجناً ومصدر غباء في ظروف كثيرة. المسلمات هي مفاهيم (صح أو خطأ) تحولت إلى حقائق غير قابلة للنقض أو المراجعة أو حتى التفكير فيها. كالإيمان. عندما يداهمنا خطب لا نبدأ بمراجعة المسلمات التي سنبني عليها قراراتنا بل ننطلق منها.

ثمة مسلمات شخصية ومسلمات عامة. المسلمات الشخصية هي عون أو خطر على صاحبها، يهمنا المسلمات المشتركة.

من الصعب أن تجد عربياً من المحيط للخليج لا يؤمن بالوحدة. يؤمن أن الوحدة هي مخرج بلاده من كل المشكلات التي تعاني منها. هذه المسلمة تشكلت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. توفرت جملة من الأسباب بعضها حقيقي وبعضها أسطوري وبعضها دعائي شكلت هذه الأمنية في ضمير العرب دون أي اختبار. بقيت هذه الأمنية أم الأماني العربية رغم تجارب الفشل التي مرت بها وانتفاء الحاجة التعبوية لها.

دخلت اليمن مع اليمن الجنوبي في وحدة اندماجية. كل من يحاول أن يختبر هذه الوحدة أو يتحداها يتهم بكل التهم أقلها الخيانة. لم يطرح أي يمني فضلاً عن بقية العرب دراسة عن آثارها ونتائجها على الشعبين اليمنيين. لم يسأل باحث جاد عائلة في الجنوب وعائلة في الشمال ماذا استفدتم من الوحدة.

سبق هذه الوحدة وحدة أهم وأكبر بين سورية ومصر. قاد تلك الوحدة أعظم دعاتها. حزب البعث العربي الاشتراكي وجمال عبدالناصر زعيم الوحدة العربية المتوج. لم تلبث أكثر من ثلاث سنين (عجاف) واندثرت. صنعت من العداوات بين زعامات البلدين أكثر من أي شيء آخر.

تكاد تكون وحدة العرب أو وحدة المسلمين شيئاً مقدساً في وجداننا. قالب عاطفي لا يجوز إخراجه إلى الواقع. الاهتمامات القومية أو الوطنية أو الدينية تضخمت بعيداً عن مصالح الناس فتقدست بجلال الأحلام الوردية.

يسمع واحدنا من خطيب مفوه يقول: عندما كانت الأمة موحدة في ظل الخلافة العثمانية دكينا أسوار أوروبا. هذا الخطاب العاطفي تغيب عنه الأسئلة البسيطة.

ما مصلحتنا في نجد أو الأحساء أو الحجاز من دك أسوار أوروبا؟ ما مصلحتي ومصلحة عائلتي من اقتحام بلاد الآخرين؟ ما التنمية الصحية والحضرية والتعليمية التي تجنيها قريتي أو عائلتي من الوحدة مع الأتراك أو الصوماليين أو الأذربيجانيين خلاف دك أسوار أوروبا؟ استمر هذا الدك مئات السنين وانقضى.. لم يخبرنا أحد ما الذي استفدناه منه؟