السبت 24 مايو 2025 07:05 مـ 27 ذو القعدة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”سبأ” من عدن: وحدة اليمن ليست موضع جدل.. وخطاب الرئيس العليمي يؤسس لمشروع وطني جامع

السبت 24 مايو 2025 04:32 مـ 27 ذو القعدة 1446 هـ
أكدت الوكالة أن الوحدة اليمنية ليست موضع جدل
أكدت الوكالة أن الوحدة اليمنية ليست موضع جدل

أكدت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) في افتتاحيتها الصادرة من العاصمة المؤقتة عدن، اليوم السبت، أن الذكرى الخامسة والثلاثين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو، تمثل مناسبة وطنية كبرى تستدعي التأمل في منجزات عظيمة، رغم الجراح العميقة التي خلفتها الحرب الحوثية المستمرة.

وقالت الافتتاحية إن "عيد الوحدة سيبقى محطة مركزية في وجدان اليمنيين، لما يحمله من رمزية نضالية ومكتسبات وطنية، تتعزز اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل الانتهاكات المتواصلة التي ترتكبها مليشيات الحوثي، والتي تطال كل اليمنيين دون تمييز، شمالًا وجنوبًا".

واعتبرت الوكالة أن خطاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي، عشية الاحتفاء بالعيد الوطني، وضع النقاط على الحروف، وحسم كثيرًا من الجدل، بتأكيده أن "الاحتفاء بهذا اليوم المجيد هو وفاء لمن ضحّى من أجل مشروع الدولة، والتزام بتصحيح المسار الوطني".

وأشارت الافتتاحية إلى أن جوهر الأزمة اليمنية اليوم لا ينفصل عن "المشروع الحوثي الضيق"، الذي يسعى إلى فرض نظام سلالي إقصائي يهدد وحدة البلاد وتنوعها السياسي والاجتماعي، معتبرة أن هذه الجماعة تعمل على توسيع الفجوة الوطنية عبر ما وصفته بـ"العسكرة الطائفية وعقلية الهيمنة".

ورأت أن عدن، التي استعادت دورها كعاصمة مؤقتة وملاذٍ لكل اليمنيين، تتهيأ اليوم لتكون منصة جديدة لانطلاق التحرر الوطني، تمامًا كما كانت منطلقًا لنضالات اليمنيين ضد الحكم الإمامي منتصف القرن الماضي.

وأكدت افتتاحية سبأ أن خطاب الرئيس العليمي يمثل أرضية صلبة لأي مشروع سياسي قادم، إذ حدد بوضوح ثلاثة شروط رئيسية لبناء يمن اتحادي حديث: حماية النظام الجمهوري، ترسيخ التعددية السياسية، وبناء وحدة متكافئة قائمة على العدالة والمساواة.

وشددت الوكالة على أن "الوحدة ليست موضع جدل، بل هي المشروع الجامع الذي يواجه المشروع الإقصائي الحوثي"، مضيفة أن الوحدة مشروع قابل للتطوير والتصحيح، بينما المشروع الحوثي هو مشروع حربي طائفي لا يصلح لبناء دولة مستقرة.

وتطرقت الافتتاحية إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في 2013، مؤكدة أنها كانت تمثل أساسًا لحلول وطنية عادلة، لولا أن جماعة الحوثي انقلبت عليها، وفرضت منطق الحرب والتفرد بقوة السلاح.

وختمت الوكالة بالإشارة إلى أن المعاناة المشتركة التي تعيشها المدن اليمنية، من تعز إلى عدن، بفعل سياسات الحوثيين، باتت تُرسّخ الشعور الوطني بأهمية استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، مؤكدة أن اليمنيين اليوم أقرب إلى التوحد خلف مشروع وطني جامع، من أي وقت مضى.

وكان الرئيس العليمي، دعا أبناء الشعب اليمني إلى جعل الذكرى 35 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، مناسبة وطنية لإطلاق المبادرات الخلاقة، وتجديد العهد الوطني، وتوحيد الخطاب الإعلامي لمكونات الشرعية، بما يوازي حجم التهديد الحوثي الإيراني المحدق بالجميع دون استثناء.

وفي خطاب ألقاه بهذه المناسبة، أكد الرئيس العليمي أن الوحدة الوطنية التي يتطلع إليها اليمنيون اليوم ليست مجرد شعار، بل ممارسة فعلية تتجسد في بناء مؤسسات عادلة وسلطات مستقلة ودولة مدنية تُدار بالحكم الرشيد وتكافؤ الفرص.

وشدد الرئيس على أن هذه الوحدة تقف نقيضًا لمشاريع الإمامة الكهنوتية، وثقافة الموت والكراهية والعنصرية، مؤكدًا أن الوحدة التي تنشدها القيادة الشرعية هي وحدة من أجل الدولة، لا المليشيا، ومن أجل الجمهورية لا الإمامة، ووحدة تقوم على المواطنة والشراكة والتنوع، لا على الإقصاء والهيمنة.

وأشار الرئيس العليمي إلى أن الاحتفاء بالعيد الوطني 22 مايو هو وفاء لتضحيات أجيال من المناضلين الذين ناضلوا من أجل مشروع دولة قوية، وهو في ذات الوقت اعتراف بالأخطاء والتزام بإصلاح المسار.

وأعرب الرئيس العليمي عن فخره بالدور الريادي لأبناء الجنوب في صياغة المشروع الوحدوي، مؤكدًا أن الروح الجنوبية كانت سباقة في النشأة والفكر والكفاح، حين كانت الراية والنشيد والمبادرة جنوبية، في لحظة تاريخية عبّرت عن صدق النوايا ونبل المقاصد.

وأعاد الرئيس العليمي التأكيد على أن القضية الجنوبية تمثل جوهر أي تسوية سياسية عادلة، ولن تُحل عبر تسويات شكلية، بل من خلال إنصاف حقيقي وضمانات تتيح لأبناء الجنوب صياغة مستقبلهم، وتقرير مركزهم السياسي والاقتصادي والثقافي، بما يعزز مبدأ الشراكة في السلطة والثروة، وفقًا للمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية.

وأكد أن التجارب المريرة التي تلت انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من النظام الإيراني أثبتت أن بناء اليمن الحديث يستند إلى ثلاث ركائز رئيسية:

  • حماية النظام الجمهوري
  • ترسيخ التعددية
  • بناء وحدة عادلة قائمة على المساواة، لا الهيمنة

وأوضح أن هذه الأركان الثلاثة ليست مجرد شعارات، بل خلاصة التاريخ النضالي لشعب اليمن، وضمانة حقيقية لبناء دولة العدالة والمواطنة المتساوية، الدولة التي تصون كرامة المواطن وهويته الوطنية، وتكفل تكافؤ الفرص، وتحترم مواثيق الشرعية الدولية، كعضو فاعل في محيطها العربي والخليجي.

وكشف رئيس المجلس عن خطوات جدية تم اتخاذها في مسار تصحيح الانحرافات التي لحقت بمسار الدولة، بدأت بتعزيز استقلال السلطات، وتفعيل أجهزة إنفاذ القانون، ومعالجة آثار حرب صيف 1994، وتوسيع اللامركزية المالية والإدارية، بما يتماشى مع الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وقال الرئيس العليمي: نحن لا نقدم وعودًا، بل نتحدث عن إجراءات ملموسة، وخيارات مفتوحة تدار بحكمة ومسؤولية، وتعيد الاعتبار للدولة كضامن حقيقي للحقوق والحريات.

كما أشار إلى أن مجلس القيادة الرئاسي، ومنذ تأسيسه، عمل على استلهام روح الوحدة الوطنية وتحويلها إلى ممارسة واقعية، من خلال تعزيز التوافق الوطني، ودعم الشراكة، وتمكين الحكم المحلي، مع التأكيد على مركزية القضية الجنوبية في كل جهود الإصلاح والتسوية.

وأكد رئيس المجلس أن الحكومة رغم أزمة الموارد والضغوط الناتجة عن الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط وسفن الشحن، لم تتخلَ عن مسؤولياتها، ولم تقمع أي احتجاج سلمي، مشيرًا إلى أن أصوات المحتجين - وفي مقدمتهم النساء في عدن ومحافظات أخرى - كانت حافزًا لتسريع العمل وتخفيف المعاناة بالشراكة مع تحالف دعم الشرعية والدول الداعمة.

وأكد العليمي استمرار الحكومة في تنفيذ إصلاحات هيكلية في قطاعات الكهرباء والطاقة والخدمات الأساسية، ضمن مسار مدعوم من الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، اللتين وصف دعمهما بأنه كريم ولم يتوقف، ومساند للشعب اليمني في أحلك الظروف.

وأشار إلى حرص مجلس القيادة الرئاسي بالتنسيق مع رئيس الوزراء والحكومة على تحديد أولويات المرحلة القادمة، بالتركيز على الملفات الاقتصادية والخدمية، مؤكدا أن الأيام المقبلة ستشهد انفراجة حقيقية بدعم من الأشقاء.

وفي ختام خطابه، وجه الرئيس العليمي الحكومة والسلطات المحلية باتخاذ إجراءات صارمة ضد الخارجين على القانون، وتعزيز دور مؤسسات الدولة في إقامة العدل والإنصاف العاجل للمظلومين، في إطار استعادة ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها.