بداية تحلّل الحواضن الحوثية.. قضية الشرفين نموذجاً

"الشرفين" منطقة واسعة وخصبة تضم عدة مديريات في محافظة حجة (الشاهل المحابشة المفتاح كحلان الشرف افلح الشام افلح اليمن قفل شمر) وتشتهر بزراعة احد اجود انواع القات (الشامي) وهو المورد الاساسي لدخل أبناء المنطقة الخصبة وكثيفة السكان.
هذه المنطقة نفسها كانت موطنا لعشرات الأسر الهاشمية التي فرت من صنعاء وبعض المناطق بعد ثورة سبتمبر ضد الامامة عام ٦٢ وشكلت هذه الأسر حاضنة لدى بعض القبائل هناك باستغلال ادعاء النسب لآل البيت وتصدر الدور الديني والمدارس العلمية الزيدية وما إن ظهر الحوثي حتى كانت هذه المنطقة جاهزة لرفد الحوثي بآلاف العناصر سواء من الأسر الهاشمية أو القبائل الذين تأثروا، وقُتل منهم عدد كبير جدا في حروب الحوثي المختلفة، لدرجة أن بعض القرى ليس فيها منزل الا وفيه عدد من القتلى، واليوم بعد ان سلب الحوثي ارواح وشباب هذه المنطقة ها هو يسلب ارزاقهم الى درجة تداعي ابناء المنطقة منذ ايام لعمل مظاهرات وثورة الشرفين ضد الجماعة!
الشرفين من الناحية الجغرافية هي العقدة الأهم التي تضمن للحوثي الهيمنة على ساحل تهامة بحجة على البحر الاحمر ولو انفرط العقد فيها يفقد الحوثي الساحل، وايضا من الناحية الفكرية تمثل مركز ثقل زيدي لما يسمى طلبة العلم وبها مجالس قديمة للزيدية بعضها كان يرى نفسه احق من الحوثي بالامامة.
ما الجديد هذه المرة؟
منذ سيطرة الحوثيين على حجة بعد انقلاب ٢٠١٤ فرضت الجماعة ضرائب وجبايات قاسية على زراعة القات والمياة بأضعاف كبيرة مما شكل عبئا قاسياً على المزارعين يحرمهم من تحقيق اي عوائد او ربح ويذهب العائد كله للجماعة خاصة في ظل شحة المياة ومصادرها البعيدة والقليلة مؤخراً، مما دفع الناس للتذمر في بداية الأمر لكن كانت المبررات دوما أن "القيادة الثورية والسيد" غير راض عن هذه الجبايات والتنكر لتضحيات أبناء الشرفين مع الجماعة وسلب اموالهم بعد سلبهم اولادهم، وكانوا يأملون باستجابة عبدالملك لان الجماعة تقدمه بشكل رومانسي وليس بصورته الفعلية كإمام للجوع والنهب منذ عقد على الاقل.
وفي كل مرة تاتي الردود مُحرجة، لدرجة ان قيادات الجماعة ومشرفيها من أبناء المنطقة استنفدوا مبرراتهم وماء وجوههم امثال عبدالله النعمي عضو المجلس السياسي والاهنومي وغيرهم، ولم يعد لديهم ما يقولونه بعد أن تبين رسوخ مستوى الفساد والاقطاع كعمل ممنهج للجماعة من اكبر رأس الى أصغر عنصر، ولولا ان هاشمية النعمي مثلاً وعنصريته وحصوله على بعض الريع من الجبايات لكان قد ثار على الجماعة قبل غيره.
اليوم هناك تذمر واسع من أبناء الشرفين وسخط وكفر بالجماعة التي تبيع الخطابات والشعارات مقابل سلب الحياة بكل جوانبها، ولم يكن احد يتوقع ان يجد كل هذا السخط في بلاد مثل الشرفين ولكن هذه هي الحوثية، لشدة قبحها وسلوكها لن يبقى معها احد في النهاية لانها تختزن في عمقها ما يسوء كل من ايدها وناصرها او من يقع تحت سلطتها.
بالنسبة لي اراقب باهتمام شديد ما يحدث في الشرفين منذ فترة طويلة وراقبت جيدا تطور مفردات التذمر والاحتجاج والسخط وهي تترسخ وتتعزز كل يوم لدى من كانوا منخدعين بالجماعة وتكشف لهم مدى سوئها في مختلف المجالات وصولا الى الدعوة الى المظاهرات وسب عبدالملك والدعوة الى ثورة الشرفين وهذا تطور مهم جدا بحد ذاته يؤشر الى متغيرات مهمة تحدث في قاع المحتمع وقاعدة الحوثي الصلبة.