تصعيد جديد لسياسة الابتزاز.. الحوثيون يغلقون 12 معملاً لمياه الشرب في صنعاء

في تصعيد خطير وغير مسبوق، شنّت مليشيا الحوثي الانقلابية حملة تعسفية طالت قطاع معالجة مياه الشرب في العاصمة صنعاء المحتلة، حيث أقدمت على إغلاق 12 معملاً لإنتاج وتعبئة المياه المعدنية خلال أول أيام عيد الأضحى المبارك، بذريعة واهية، وفقاً لمصادر محلية مطلعة.
وأفادت المصادر بأن فرقاً تابعة لما تسمى "هيئة الموارد المائية" و"صحة البيئة"، الموالية للمليشيات، انتشرت في عدد من أحياء العاصمة صنعاء، مستهدفة معامل المياه في مديريات (آزال ومعين والتحرير)، ضمن حملة تهدف إلى فرض إتاوات مالية باهظة على أصحاب هذه المرافق الحيوية، التي تمثل مصدر رزق لكثير من المواطنين، وتلعب دوراً محورياً في توفير مياه الشرب النظيفة في ظل الأزمة الإنسانية الخانقة التي يعاني منها اليمنيون.
ذرائع واهية وإتاوات باطلة
كشفت التحقيقات الأولية أن المليشيات الحوثية استخدمت ذرائع مختلفة لتبرير ابتزازها، حيث طالبت بعض أصحاب المعامل بـ"تمويل الجبهات"، بينما ادّعت أخرى وجود "مخالفات بيئية"، فيما اختلقت مبررات أخرى مثل "المشاركة في دعم المجهود الحربي".
هذه الممارسات تأتي في إطار سياسة منهجية تتبعها الجماعة منذ انقلابها عام 2014، تستهدف من خلالها استنزاف القطاع الخاص واستخدام المؤسسات الحكومية كأداة للسيطرة والنهب المنظم.
شهادة مريرة: بين الإغلاق أو الدفع!
في شهادة صادمة أدلى بها أحد ملاك معامل المياه، ورفض الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام، قال:
"جعلونا أمام خيارين مريرين: إما دفع مبالغ مالية طائلة تتزايد بشكل تعسفي دون أي سند قانوني، أو مواجهة الإغلاق الفوري والاعتقال. لم تكن التهديدات مجرد كلمات، بل كان السلاح حاضراً في كل زيارة لهم، مما جعل الموقف أكثر إرهاباً ورعبًا".
كارثة إنسانية تتفاقم
تأتي هذه الإجراءات التعسفية في وقت يعاني فيه أكثر من 17 مليون يمني من نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، وسط تفشي أمراض خطيرة مثل الكوليرا وسوء التغذية نتيجة تلوث مصادر المياه.
وتشير إحصائيات منظمات الأمم المتحدة إلى أن نحو 17.3 مليون شخص في اليمن بحاجة ماسة إلى خدمات مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن 4.1 مليون فتاة و4.3 مليون فتى في اليمن معرضون لأمراض خطيرة بسبب تلوث المياه، فيما أشار البنك الدولي إلى أن اليمن من بين أكثر الدول معاناة من شح المياه في العالم، محذراً من كارثة إنسانية تهدد الأجيال القادمة إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة.
جذور الأزمة.. سيطرة الحوثيين وفساد المؤسسات
يعود تفاقم أزمة المياه في اليمن إلى عدة عوامل، منها السياسات العشوائية التي انتهجتها المليشيات الحوثية منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، بما في ذلك دمج المؤسسات الحكومية بشكل غير مدروس، والتنافس البيني بين عناصر الجماعة على موارد الابتزاز، بالإضافة إلى استمرار الأزمة الاقتصادية التي زادت حدتها بعد الانقلاب على الدولة في سبتمبر 2014.
صمت دولي مقلق
في الوقت الذي تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية في اليمن، لا تزال المجتمع الدولي يلتزم صمتاً مخيباً أمام الانتهاكات المتكررة التي تمارسها مليشيا الحوثي بحق المدنيين والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك قطاع المياه، ما يُثير الاستغراب والاستنكار من موقف الجهات الدولية المعنية بالحفاظ على حقوق الإنسان والسلام.
ويشير مراقبون إلى أن استهداف قطاع المياه يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وجريمة تهدد حياة ملايين المدنيين، ويدعو إلى تحرك عاجل من قبل المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي لوقف هذه السياسات القمعية ومحاسبة من يقف وراءها.