الأحد 15 يونيو 2025 03:49 مـ 19 ذو الحجة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

الولاية عند الشيعة وحديث خم أكبر تزوير في التاريخ (الحلقة الثالثة)

الأحد 15 يونيو 2025 08:50 صـ 19 ذو الحجة 1446 هـ

الولاية الهاشمية العنصرية:

يعمد الهاشميون إلى التمييز العنصري وعدم المساواة بينهم وبين الناس، وأدبيات الشيعة -بكل فروعهم- طافحة بهذه العنصرية المقيتة، وفيض لا يمكن حصرها في عجالة، ومع أننا نجد أحياناً بعض أعمدة كتبهم تروي (أحاديث) المساواة وعدم المفاضلة والتمييز بين الصحابة والناس، لكنهم لم ولا يعملون بها وهي من عقائدهم وتشريعاتهم. ومن ذلك مثلاً ما جاء في كتاب الكافي للكليني: "[روى] علي بن إبراهيم، عن عبدالله محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن حنان قال: سمعت أبي يروي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان سلمان جالساً مع نفر من قريش في المسجد، فأقبلوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى بلغوا سلمان، فقال له عمر بن الخطاب: أخبرني من أنت؟ ومن أبوك؟ وما أصلك؟ فقال: أنا سلمان بن عبدالله، كنت ضالاً فهداني الله -عز وجل- بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وكنت عائلاً فأغناني الله بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وكنت مملوكاً فأعتقني الله بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، هذا نسبي، وهذا حسبي، قال: فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسلمان – رضي الله عنه – يكلمهم، فقال سلمان: يارسول الله، ما لقيت من هؤلاء جلست معهم فأخذوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم، حتى إذا بلغوا إلي قال عمر بن الخطاب: من أنت وما أصلك وما حسبك؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: فما قلت له يا سلمان؟

قال قلت له: أنا سلمان بن عبدالله، كنت ضالاً فهداني الله -عز وجل ذكره- بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وكنت عائلاً فأغناني الله -عز وجل ذكره- بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وكنت مملوكاً فأعتقني الله – عز وجل ذكره – بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، هذا نسبي وهذا حسبي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: إن حسب الرجلِ دينُه، ومروءتَه خلقُه، وأصله عقلُه، وقال الله – عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لسلمان: ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله -عز وجل- وإن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل".

حتى صيغة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- هنا المحذوف منها (وسلم) نجدها صيغة الشيعة والإمامية المتأخرة، قَوَّلوها علي بن أبي طالب في هذا الموضع، مع أن علياً نفسه يصلي على النبي في كل صلواته بالصيغة المعهودة دون بتر السلام منها ولا ذكر آله كما تفعل الشيعة، وهذا من ضمن الأدلة على هذا الدس واختلاق الأقوال والخطب ونسبتها إلى علي ليؤصلوا لهم حقاً غير مشروعٍ لهم.
تزعم الشيعة أن سكوت علي بن أبي طالب عن مطالبته الولاية يوم السقيفة لعدم وجود النصير، وأنه سيضام بعد وفاة الرسول، وأن الرسول أمره بالصبر ، وبعض فرق الشيعة الإثني عشرية تكفر علياً - رضي الله عنه- لأنه سكت عن المطالبة بالولاية؛ وهي الفرقة الكاملية (أصحاب أبي كامل) ، وكذا الجارودية الرافضية في اليمن تقول بمعصية علي كونه سكت عن حقه في الولاية.

فهذا الشاعر حسن بن علي جابر الهبل "لما ذكر له في مرض موته التوبة، فقال: ذاك هو الذي يلقى الله به، وأن ذاك سببه علي بن أبي طالب هو الذي ترك حقه وأنه قد عصى بترك حقه وسبه، فأعجب وانظر كيف ختم له سب الصحابة من أجل علي، ثم طغى إلى سب علي رضي الله عنه".
وهناك رجل آخر "يقال له الفقيه صلاح القاعي، من رافضة الهدوية، لما حضرته الوفاة قال لزوجته أنها تنادي أن الفقيه صلاح القاعي مات كافراً".
بينما عرض أبو سفيان النصرة لعلي، وهو كبير قريش، ففي بيعة السقيفة وما بعدها، جاءه أبو سفيان يحرضه على أبي بكر ويقول له: "لو شئت لملأت هذا الوادي خيلاً على ابن أبي قحافة (يقصد أبا بكر)"، فزجره ونهره علي - رضي الله عنه.

فقد روى الزهري، قال: "أخبرنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا ابن مبارك عن مالك بن مِغْول، عن ابن أبجر قال: لما بويع لأبي بكر – رضي الله عنه- جاء أبو سفيان إلى علي فقال: غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش، أما والله لأملأنها خيلاً ورجالاً، قال: فقلت: ما زلتَ عدواً للإسلام وأهله، فما ضر ذلك الإسلامَ وأهله شيئاً، إنا رأينا أبا بكرٍ لها أهلاً".

وعَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: وَافَقْنَا مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ذَاتَ يَوْمٍ طِيبَ نَفْسٍ، فَقُلْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَخْبِرْنَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ؟ قَالَ ذَاكَ امْرُؤٌ سَمَّاهُ اللَّهُ الصِّدِّيقَ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ وَلِسَانِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الصَّلاةِ؛ رَضِيَهُ لِدِينِنَا فَرَضِينَاهُ لِدُنْيَانَا.

ولو أراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- الوصية بالخلافة لعلي أو لغيره لقالها صراحة دون تأويل، لكنه جعل الأمر مفتوحاً لاتفاق المسلمين فيما بينهم، ولم تكن النبوة بالوراثة حتى يرثها علي أو غيرها، فالنبوة والرسالة انتهت بموت الرسول -صلى الله عليه وسلم.
تناهى إلى سمع عائشة - رضي الله عنها- أن أناساً يتحدثون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى بالولاية لعلي، فنفت ذلك قطعاً، وقد جاء عند البخاري: حدثنا عبدالله بن محمد، أخبرني أزهر، أخبرنا ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود قال: "ذكر عند عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى إلى علي، فقالت: من قاله؟ لقد رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وإني لمسندته إلى صدري فدعا بالطست فانخنث فمات فما شعر، فكيف أوصى إلى علي؟!"

وقد لغط الشيعة والإماميون في أمر طلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- كتاباً قبل وفاته وهو في مرضه الذي توفي فيه؛ حيث طلب من الصحابة الذين كانوا عنده في البيت ورقة وقلماً ليكتب إليهم كتاباً بما يكونوا عليه من بعده، فاختلف الناس عنده وفيهم عمر الذي قال: حسبنا كتاب الله وما جاء فيه، فأعرض الرسول عن الأمر برمته، فاتخذ الشيعة ذلك الأمر مدخلاً ومأخذاً على عمر - رضي الله عنه- أنه أوقف وصية الرسول لعلي بالولاية!

بينما النص، كما ورد عند البخاري ومسلم، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حُضِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: "هلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ"، قَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمْ الْقُرْآنُ فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ، وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "قُومُوا عَنِّي".
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ.

لكن الحديث هذا يقدم عمر - رضي الله عنه- كما لو كان مُكرِهاً النبي - صلى الله عليه وسلم- ومتهماً إياه في قواه العقلية مغلباً رأيه عليه، وقد عرفنا تأدب عمر مع الرسول من خلال كل المواطن التي كان معه فيها، وفيه يظهر الرسول عاجزاً متردداً في اتخاذ القرار، وما عرفنا الرسول متردداً في شيء، خاصة في أمور التشريع والدين، وهو يهم كذلك بكتابة كتاب تشريع مهم للأمة حتى لا تضل بعده، فكيف يتراجع ويترك الأمة تموج في غيها بعد ما رأى كثرة لغطهم بحضوره فكيف بعد وفاته؟!

يبدو أن الحديث مفتعل لتمرير أجندة أخرى خاصة وقد جاء الشيعة من بعد يتخذون من هذا الحديث مدخلاً للطعن في الصحابة وثغرة لشق الصف والاختلاف والتأويل أنه كان سيعهد بالأمر إلى علي بن أبي طالب ومن هنا بدأ الحقد منهم على عمر!

مع أن أهل العراق لما حُضر عمر-رضي الله عنه- أوصى المسلمين بكتاب الله، ولم يوصهم بالأخذ من العترة، وهو الأقرب للنبي –صلى الله عليه وسلم- ولو كان أوصى النبي بالعترة لأوصى بها وأكد عليها عمر في وصيته لأهل العراق.
قال أهل العراق: لما دخلنا عليه قلنا: أو صنا، قال: "عليكم بكتاب الله فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه.."
... يتبع