الخميس 19 يونيو 2025 01:36 مـ 23 ذو الحجة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

عن المشتركات بين المرشد المصري والمرشد الايراني ... هل هي أكثر قربا من مشتركات جماعة سياسية بشعبها ونظامها؟

الخميس 19 يونيو 2025 10:14 صـ 23 ذو الحجة 1446 هـ

أعجبتني كثيرا لغة الرسالة الصادرة عن القائم بعمل مرشد جماعة الاخوان المسلمين المصرية والتي بعثها إلى مرشد النظام الايراني علي خامتئي التي حملت جوار التضامن معهم عبارات فخمة ومتقدمة في الحديث عن المشتركات والتعاون مع الاخر في إطار الامة.

رغم موقفي الواضح تجاه النظام الايراني المارق لكنني رغبت في تسجيل اشادتي بما تضمنته رسالة الجماعة المصرية من معاني تؤكد أهمية ردم فجوات الخلاف (وبذل كل جهد من أجل وحدة الصف ونبذ الخلافات وتكامل الجهود) كقواعد ناظمة للعلاقة المثلى في إطار الامة الواحدة .

توقفت كثيرا عند هذه العبارات، وتمنيت بشدة لو أن مثلها وأرقى منها لغة ومبادرة ومسؤولية يتكرر عن الجماعة ذاتها تجاه الحالة المصرية، والعلاقة مع مكونات المجتمع المصري الذي كانت ولا زالت الجماعة من أبرز اللاعبين فيه، ولكونها أساسا مسؤولة بشكل او بآخر عن مصر قبل غيرها من الحالات الاممية والانسانية خارج القطر المصري الشقيق.

ماذا لو أن رسالة كهذه وجهتها الجماعة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر والمنطقة والامة، للرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، توضح من خلالها استيعاب مخاطر المرحلة وضروراتها ورغبتها في طي الخلاف واستعدادها لتقديم التنازلات وابداء المراجعات من موقع الوعي لا الضعف؛ والحرص لا سواه.

اذا كنا نشيد للجماعة بلغتها الايجابية هذه تجاه النظام الايراني، فالمنطق يلزمنا تذكيرها "بواجبها" تجاه قطرها وشعبها ومجتمعها ونظامها الحاكم وان كانت على عير وفاق معه.

لاشك ان المشتركات الوطنية والدينية والانسانية بين الجماعة وشعبها وحكومة بلادها وقيادة القطر المصري، هي أكثر بكثير من المشتركات الجامعة لها مع النظام الايراني.

حتى من زاوية التفاعل مع القضية الفلسطينية ذاتها التي كانت مدخل الجماعة المصرية لتبعث خطابها إلى طهران، فإن ما لا يمكن تجاهله بالقفز عليه أو انكاره هو أن مصر حكومة وشعبا ونظاما، هي أبرز الشعوب والانظمة التي ظلت حاضرة أكثر من كل الاخرين في الشأن الفلسطيني وفاعلا رئيسيا في الحفاظ على الحق الفلسطيني منذ نشوء الاحتلال الصهيوني.

إن مصر هي حجر الزاوية في ملف الصراع العربي الفلسطيني، كانت وستظل باعتراف العدو والصديق، ولم يختلف أو يتبدل الموقف المصري الرسمي تجاه واجبه في فلسطين باختلاف اسم الرئيس، فالثوابت هي ذاتها مع جمال عبدالناصر ثم أنور السادات ثم حسني مبارك ثم محمد مرسي رحمهم الله جميعا ويتكرر الحال ذاته اليوم في عهد الرئيس السيسي، ويمكن لتأكيد دعوانا هذه الاستشهاد بتصريحات قادة حركات المقاومة الفلسطينية منذ أحداث 7 اكتوبر التي تؤكد الثقة التامة بالدور المصري وسيطا وضامنا وراعيا وشريكا في المصير والانقاذ والمبادرة، ويجمع كل العقلاء أنه لولا وجود مصر بعد.الله بجوار غزة الجريحة لكان الألم مضاعفا والجرح أكثر اتساعا ونزفا.

اذا كان من الشهامة ابداء التضامن وشكر الجميل لموقف قام به البعيد المختلف عنك، فليس من العدل ولا الحق أن يختلف الحال تجاه القريب المرتبط بك لاختلافك الزائل معه.

هذا إن كانت مضامين هذه الرسالة في نظر كاتبيها مباديء وقيم ثابتة وليست تكتيكا يتبدل بحسب الهوى والمزاج.

وكذلك هو الحال المفترض من جماعة لها تاريخها واسمها الذي يقترب عمره من تمام القرن، تجاه الانظمة العربية والتيارات النظيرة في البلدان والشعوب الاسلامية.

على سبيل المثال، أنا كمواطن يمني تواجه بلادي منذ عشرة أعوام حربا مفتوحة ورعناء شنتها ميلشيات اجرامية ضد كل مقومات التعايش المشترك، كنت سأشعر بالاطمئنان لو أن تيارا عربيا او اسلاميا كجماعة الاخوان المصرية او غيرها صدر عنهم ما يوحي بإحساسهم بمعاناة ووجع شعب عربي ومسلم عريق لطالما كان حاضرا بقلبه ووجدانه وماله ودمه أيضا تجاه كل نازلة شهدتها شعوب وبلدان أمتنا الحبيبة، وهو اليوم يمر وقد بلغ اعداد الضحايا فيه عشرات الالاف وملايين المهجرين دون أن نسمع من جماعة كجماعتكم رسالة مواساة أو عزاء.

إن برر أحد لنفسه أو لكم الصمت عن ما يجري في بلادنا من ذبح للشعب وسلب للحقوق واعتداء على الحريات أنه يتم بخناجر تزعم أنها مسلمة وهذا بظنكم مانعا مقبولا عن نصرة الحق وادانة البغي وردع الطغيان فهو وهم لا أخلاق، وإلا لكان الأولى انطباق الحال على أزمتكم مع نظام بلادكم.

موضوعات متعلقة