الحيوانات المنوية .. كم تبلغ مسافة رحلتها القصيرة وكم عمرها؟

كيف تحيا النطاف رغم قصر عمرها؟ .. من لحظة إنتاجها داخل الخصية وحتى وصولها المحتمل إلى البويضة في جسم الأنثى، تبدأ الحيوانات المنوية رحلتها الدقيقة والحاسمة، رحلة تنبض بالحياة رغم قصر الزمن، فهذه الخلايا المجهرية التي لا تُرى بالعين المجردة، لا تُنتج عبثًا، بل تدخل سباقًا مع الوقت ومع البيئة المحيطة للبقاء أطول فترة ممكنة، لكن كم تعيش فعلًا؟ وهل يمكنها تخطي حدود الزمن الطبيعي في بعض الحالات؟
داخل الجسد الذكري: حياة كامنة في البربخ
تُنتج النطاف داخل الخصيتين، لكنها لا تُقذف مباشرة بعد التصنيع، بل تنتقل إلى قناة البربخ، حيث تمكث هناك في حالة ركود وظيفي نحو عشرة أيام، هذه المرحلة أشبه بفترة إعداد وتخزين، تُجهز فيها النطاف نفسها دون أن تستهلك طاقتها بالكامل، في انتظار لحظة القذف التي تبدأ فيها رحلتها خارج الجسد.
خارج الجسم: بين الموت السريع والبقاء الطويل
في البيئات الجافة خارج الجسم، تموت الحيوانات المنوية سريعًا، خلال دقائق أو ساعة على الأكثر، بسبب فقدان السوائل التي تسبح فيها، لكن في البيئات السائلة المناسبة أو داخل مختبرات التلقيح المساعد، يمكن للنطاف أن تبقى حية حتى 72 ساعة، وهناك أبحاث تحدثت عن بقاء الحيوانات الأنثوية 7 أيام والذكورية 48 ساعة داخل الرحم، بل وتبقى لعقود إذا جُمّدت في ظروف ملائمة.
داخل الجهاز التناسلي الأنثوي: سبعة أيام من الفرصة
رغم أن المتوسط المقبول علميًا هو أن النطاف تعيش حتى خمسة أو سبعة أيام داخل الجهاز التناسلي الأنثوي، فإن بعض التقارير النادرة أشارت إلى بقاءها حتى الدورة الشهرية التالية، أي قرابة 28 يومًا، رغم ندرة هذا الاحتمال، العامل الحاسم هنا هو الدعم الغذائي الذي تحصل عليه من بلازما السائل المنوي ومغذيات الرحم، مثل الزنك والبروتين والغلوكوز.
طاقة ذاتية واستراحة ذكية
حتى في نقص الغذاء، تلجأ النطاف إلى استخدام الطاقة بكفاءة أكبر لتطيل فترة بقائها. كما أظهرت الدراسات أن النطاف تستفيد من "فترات التوقف" في رحلتها، خصوصًا داخل قناة فالوب، حيث ترتبط بخلايا القناة باستخدام جزيئات غليكان، هذا الارتباط يتيح لها الراحة والتزود بالغذاء ويزيد من احتمالات بقائها وتخصيبها للبويضة.
الأنثى شريكة البقاء: دعم غير مرئي للحيوانات المنوية
الجهاز التناسلي الأنثوي لا يعمل فقط كبيئة حاضنة، بل أيضًا كمصدر للطاقة والتغذية والتنظيم. عبر الغلوكوز والبروتينات، يُبقي النطاف نشطة أو يُبطئ حركتها لإطالة أمد حياتها، إلى أن يحين موعد الإباضة، وحينها، تكون النطاف الأطول عمرًا هي الأوفر حظًا في تحقيق الإخصاب.
ليس البشر فقط: مهارات البقاء تمتد إلى الزواحف والخفافيش
ما قد يثير الدهشة أن قدرة الحيوانات المنوية على البقاء لفترات طويلة ليست حكرًا على الإنسان، بعض أنواع الخفافيش تحتفظ بالنطاف داخل أجسام الإناث لمدة تصل إلى ستة أشهر، بينما يمكن لنطاف الزواحف أن تبقى حيّة لعدة سنوات؛ كيف يحدث ذلك؟ ما زالت الأبحاث تحاول كشف هذا اللغز الحيوي، لكن الدروس المستفادة من تلك الكائنات قد تغير مستقبل الإخصاب البشري وطرق علاجه.
لغز البقاء: ما الذي يجعل بعض النطاف تعيش أكثر من غيرها؟
يبقى علم الخصوبة حقلًا غنيًا بالألغاز، ومن أبرزها: لماذا تعيش بعض النطاف أكثر من غيرها؟ يُعتقد أن نوعية البلازما المنوية، وتكوين البروتينات، وطبيعة الجهاز التناسلي الأنثوي، كلها عوامل متداخلة في تحديد طول عمر النطاف، لكن حتى الآن، ما زال الكثير غير مفهوم.
دقائق معدودة قد تصنع حياة
رغم أن عمر النطاف قصير في المتوسط، إلا أن قدراتها على التكيف والنجاة، وتعاون الجسم الأنثوي في إطالة عمرها، يجعلها قادرة على تحقيق واحدة من أعقد المهمات في علم الأحياء: خلق الحياة، وفي عالم الخصوبة، تبقى كل دقيقة هي الفارق بين اللاشيء وولادة إنسان جديد.
الحيوانات المنوية، كم تعيش النطاف، خصوبة الرجل، البقاء داخل الرحم، البربخ، الإخصاب، الغلوكوز، البلازما المنوية، قناة فالوب، الجهاز التناسلي الأنثوي، تجميد النطاف، مدة حياة الحيوانات المنوية، النطاف عند الزواحف، الخفافيش، الحمل، الإباضة، مشاكل الخصوبة