مواطن نازح في صنعاء يهدد بإحراق كشكه احتجاجًا على قرارات إزالة البسطات: ”إذا تساوى الموت مع الحياة.. فلا قيمة للحياة”

أثار منشورٌ على مواقع التواصل الاجتماعي حالةً من التضامن والقلق في أوساط المواطنين اليمنيين، بعد أن أعلن المواطن رمزي العبسي، وهو معلم نازح من تعز، نيته إحراق الكشك الصغير الذي يعتاش منه في شارع هائل بصنعاء، احتجاجًا على قرارات متتالية لإزالة البسطات والاكشاك من الشوارع الرئيسية والفرعية، وسط مطالبات بحلول بديلة لآلاف الأسر التي تعتمد على هذه المهن البسيطة في ظل انهيار اقتصادي متسارع.
وأوضح العبسي، في منشور مطول على فيسبوك، أنه مضى عليه 34 عامًا من الخدمة التربوية كمعلم، لكنه لم يعد يستلم سوى "فتات الراتب"، لا يتجاوز 36 دولارًا شهريًا، نتيجة انهيار العملة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بجنوب اليمن، ما جعله يُضطر، كغيره من آلاف الموظفين، إلى البحث عن مصادر دخل بديلة للحفاظ على كرامة أسرته.
وأشار إلى أنه، بعد نزوحه من تعز إلى صنعاء بسبب الحرب، قرر قبل عامين تأسيس مشروع صغير على شارع هائل، عبارة عن كشك لبيع العطور وإصلاح الساعات، بهدف تحسين ظروفه المعيشية المتردية، مؤكدًا أن هذا المشروع لم يكن سوى وسيلة للنجاة من الفقر المدقع.
لكن، وفق روايته، بدأت معاناته مع ما وصفه بـ"مضايقات متواصلة" من قبل جماعة الحوثي، عبر قرارات صادرة من أمانة العاصمة بصنعاء، تقضي برفع البسطات والاكشاك من الشوارع الرئيسية بذريعة "تحسين المظهر الحضري للمدينة"، دون تقديم بدائل أو تعويضات لأصحابها، معظمهم من النازحين والفقراء الذين يعتمدون على هذه المهن اليومية في إعالة أسرهم.
وقال العبسي: "نقلونا من الشوارع الرئيسية إلى الفرعية، كأنهم ينقلون المرء من مشنقة إلى مشنقة أخرى، على أمل أن نبقى نتقاسم لقمة الخبز البارد، لكن اليوم تصلنا أنباء غير مؤكدة بصدور قرار جديد برفع البسطات من الشوارع الفرعية أيضًا، ما يعني إغلاق آخر منفذ للرزق أمامنا".
وأضاف بلهجة حزينة وغاضبة: "إذا تأكد خبر إزالة البسطات من الشوارع الفرعية، ولم يتم التراجع عن هذه القرارات المجحفة، فإن قراري هو إحراق كشكي في وسط الشارع، أمام أعين الجميع"، مبررًا موقفه بقوله: "إذا تساوى الموت مع الحياة، فلا قيمة للحياة" .
وأكد العبسي أن هذه الخطوة ليست انتحارًا أو فعلًا عبثيًا، بل رسالة احتجاج صارخة ضد تجاهل معاناة الفقراء، داعيًا كل المهتمين بالشأن العام، من صحفيين وناشطين وحقوقيين ومواطنين، إلى الحضور يوم الجمعة 25 يوليو 2025 ، عصرًا، في شارع هائل، لتوثيق ما قد يحدث.
وأوضح أن الهدف من هذا التهديد الجاد هو إلغاء قرار إزالة البسطات ، ودفع الجهات المعنية إلى التفكير ببدائل إنسانية وإغاثية، لا تُقصي الفقراء من مساحات الرزق، مشددًا على أن المطالبة ليست بالسماح بالفوضى، بل بالعدالة، وبالحق في حياة كريمة، سواء في مناطق سيطرة صنعاء أو في مناطق حكومة عدن.
وأضاف: "نحن لا نطلب سوى أن نعيش، أن نطعم أبناءنا، أن نُحافظ على كرامتنا. هل هذا كثير على إنسان في بلاده؟".
موجة تضامن واسعة سرعان ما انتشر منشور العبسي على نطاق واسع، وسط موجة تضامن واسعة من ناشطين، وصحفيين، ونازحين، وموظفي الدولة، الذين أعادوا التذكير بمعاناة عشرات الآلاف من اليمنيين الذين يعيشون على حافة الجوع، ويعتمدون على مهن يومية متواضعة، في ظل غياب أي دعم حكومي حقيقي، وتوقف الرواتب منذ سنوات.
وأكد مراقبون أن ما يجري في صنعاء من إزالة للبسطات يُكرر في مدن أخرى، دون وجود رؤية اقتصادية بديلة، ما يُفاقم الأزمة الإنسانية، ويُحول مواجهات الفقراء مع السلطات إلى مواجهات وجودية.
دعوة للتدخل الإنساني دعت جهات حقوقية إلى تدخل عاجل لمنع تدهور الموقف، وطالبت أمانة العاصمة والسلطات في صنعاء بإعادة النظر في قرارات الإزالة، ووضع خطة شاملة تراعي ظروف النازحين والفقراء، وتُخصص لهم مناطق آمنة لمزاولة أعمالهم، بدلًا من إزالتهم قسرًا.
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه أي تعليق رسمي من أمانة العاصمة أو الجهات الأمنية في صنعاء، يبقى مصير الكشك، وحياة رمزي العبسي، رهنًا بقرار قد يُتخذ في اللحظات الأخيرة، بينما تترقب عيون اليمنيين شارع هائل، في انتظار ما قد يحدث يوم الجمعة، بين نداء للكرامة، وتهديد بالاحتراق.