الحوثيون يُصدِرون ”بيان تهدئة” زائفًا بعد ضغط الرأي العام: اعترافٌ متأخّر بحقّ فنانة يمنية ومحاولةٌ يائسة لاحتواء الغضب الشعبي
في محاولةٍ يائسة لاحتواء موجة الغضب الشعبي والانتقادات الواسعة التي طالت ممارساتهم التعسّفية، أصدر القيادي الحوثي البارز عبدالسلام جحاف بيانًا "تهدئويًا" حول قضية الفنانة اليمنية فتحية إبراهيم ، مُعلنًا أن "إجراءات تنفيذ الحكم القضائي لصالحها ستبدأ غدًا بإذن الله".
لكن البيان، الذي حاول التغطية على فشل الجماعة في تطبيق العدالة طوال أشهر، لم يُخفِ حقيقة واحدة: الحوثيون كانوا طرفًا في المماطلة والعرقلة، حتى دفعهم الضغط المجتمعي — خصوصًا من ناشطات ونساء يمنيات — إلى التراجع عن موقفهم.
اعترافٌ متأخّر بعد أشهر من التسويف
لم يأتِ إعلان جحاف من فراغ. بل جاء بعد أسابيع من الحملات الحقوقية والإعلامية التي قادتها ناشطات يمنيات، وعلى رأسهنّ ابنتها هديل حسين عقبات، للمطالبة بتنفيذ حكم قضائي صادر منذ فترة لصالح الأستاذة فتحية، التي واجهت تمييزًا وظيفيًا وانتهاكات جسيمة على يد جهات تابعة للحوثيين.
واللافت أن جحاف، الذي يُقدّم نفسه اليوم "وكيلًا" عن المُعلّمة، لم يتحرّك طوال أشهر، بل ظلّ صامتًا حتى صار صوتها قضية رأي عام لا يمكن تجاهلها. والآن، وبعد أن باتت الجماعة تحت المجهر، يخرج ليقول: "الأمر انتهى تمامًا"، وكأنه لم يكن جزءًا من منظومة التأخير!
ثناءٌ مشبوه على القضاء... بينما الحوثيون يدمّرونه!
في مفارقةٍ صارخة، أثنى جحاف على القاضي عصام العلفي واصفًا إياه بـ"النزاهة والورع"، في وقتٍ يُسيطر فيه الحوثيون على القضاء اليمني ويحوّلونه إلى أداة طيّعة في يدهم، تُصدر أحكامًا وفقًا لتوجيهات "المرشد" في صنعاء، لا وفقًا للقانون.
فكيف لجماعةٍ أقالت مئات القضاة المستقلين، ونصّبت مكانهم "قضاة ولاء"، أن تأتي اليوم لتُمجّد "العدالة"؟ إنها محاولةٌ فجة لتلميع صورتها أمام المجتمع الدولي، بعد أن باتت سمعتها في أسوأ حالاتها بسبب انتهاكاتها الممنهجة ضد النساء والنشطاء.
"أنتم أهلنا"... بينما يُسكتون الأصوات الحرة!
الأكثر إثارةً في البيان هو دعوته الأستاذة فتحية وهديل عقبات والناشط إبراهيم الأشول إلى "التوقّف عن النشر أو الردود في مواقع التواصل"، بحجة أن "الجميع في صفكم".
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا يطلب الحوثيون الصمت الآن؟
هل لأنهم يريدون "الإنصاف" حقًّا؟ أم لأنهم يريدون إخماد الحقيقة قبل أن تنتشر أكثر؟
إن دعوة الحوثيين إلى "التحلّي بالحكمة" ليست سوى تكتيكٍ قمعي مألوف: كلما طالب مواطن بحقّه، طُلب منه "الصبر" و"التفهّم"، حتى يُنسى حقّه تحت غبار التسويف.
مهما حاول عبدالسلام جحاف التغريد خارج سرب جماعته، فإن الشعب اليمني يعرف جيدًا أن الحوثيين لا يُنفّذون الأحكام إلا تحت الضغط.
وحتى لو بدأ "التنفيذ" غدًا، فإن ذلك لا يمحو شهورًا من المعاناة والظلم التي عاشتها الأستاذة فتحية. ولا يبرّر محاولات الحوثيين المستمرة لـإسكات الناشطين باسم "الوحدة" و"التفاهم".













