• الرئيسية
• مقالات

ليلة 26 يوليو 2025م عرضت قناة ( العربية ) من الرياض .فيلما وثائقيا ً عن المعركة الاخيرة في حياة الرئيس السابق علي عبد الله صالح رحمه الله ، وما ان انتهى عرض الفيلم حتى بدأت معركة من نوع آخر في مواقع التواصل . بين محسوبين على الاصلاح وآخرين على المؤتمر ، طبعا وهناك من احزاب ومكونات اخرى بالاضافة الى اسماء وهمية عديدة ، وصلت في بعض الاحيان الى درجة السفه من قبل البعض ، انها معركة عبثية بلا شك تدل على انعدام الوعي والنضج معا ، وانا اتابع كل ذلك ، تذكرت ما كان يدور بين الاوس والخزرج قبل الاسلام في يثرب ( المدينة المنورة ) ، فقد كان اليهود في المدينة يعملون بكل طاقتهم وبطرقِ عديدة ،على تغذية واستمرار الصراع بين الاوس والخزرج القبيلتين اليمنيتين . لكي يبقوا هم القوة المهيمنة في يثرب . ونتيجة لذلك كانا كل من الاوس والخزرج في سباق دائم لكسب ود اليهود ونيل دعمهم ، في المعارك التي كانت تحدث بينهما من فترة الى اخرى ، والتي سقط فيها المئات من الطرفين .وكان كل طرف يتحالف مع طرف معين من اليهود ، كانت آخر تلك المعارك واشدها دموية هي معركة ( بُعاث ) ، وبعاث اسم مكان في ارض بني قريظة وقعت فيها تلك المعركة ، ولما جاء الاسلام وهاجر رسول الله صل الله عليه وسلم الى يثرب ، الّف الله بين قلوبهم عن طريق رسوله وسماهم الله با ( الانصار ) وعلى ايديهم بعد ذلك تم اخراج اليهود من المدينة وضواحيها ثم من جزيرة العرب بالكامل . طبعا كان الاعلام يلعب دور كبير في تجديد وتاجيج الخلافات بين الحيين ( الا وس والخزرج ) . فعلى الرغم من انه لم يكن هناك في ذلك الزمن مواقع تواصل او قنوات اعلامية تصنع العداوة وتستدعيها كما يحصل الان . لكن بيت الشعر الواحد من قصيدة طويلة كانت تقال ايام القتال ، كان كفيلا باخراج السيوف من اغمادها . ففي ذات يوم مر (شاس بن قيس ) وهو من كبار تجار اليهود في الحروب ، يكره المسلمين بشدة- مر على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فقال : اذا اجتمع الأوس والخزرج- فلا مكان لنا بهذه البلاد، فقال لشاب يهودي كان معه اذهب إليهم فاجلس معهم فذكرهم يوم بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، ففعل الشاب ذلك ونجح في مهمته ، فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا وامسكوا بالسيوف وتواعدوا للقتال ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه حتى جاءهم غاضبا فقال: يا معشر المسلمين الله الله.. أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به وقطع عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا؟! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضا، في اليمن الاصلاح والمؤتمر دفع اليمن الثمن غاليا وما زال يدفعه حتى الان ، نتيجة الخلافات بينهما وتغذيتها من اطراف عديدة ، فهناك اكثر من ( شاس بن قيس ) ؟ فذكر يوم بعاث يتجدد مابين فترة واخرى . بغض النظر عمّن يتحمل الوزر الاكبر فالامور هنا نسبية ، وحديثنا هنا عن عناوين . قبل اربع سنوات اوقفت محطة ال ( ام بي سي ) السعودية وبقرار سياسي طبعا . بث مسلسل الصحابي معاوية بن ابي سفيان وهو الذي كلف ملايين الدولارات ، وما ذاك الا خوفا من اثارة الحساسية مع ايران ، وبقي حبيس الادراج ولم يتم عرضه الا بعد ان تغير الوضع في المنطقة ، فلماذا اصرت قناة العربية على عرض هذا الفيلم الوثائقي بعد ان ضغطت بكل الطرق على ( اسرة الرئيس صالح ) من اجل تسجيل هذا ( الفيلم ) ؟ لماذا فعلت القناة ذلك في هذا الوقت بالذات وهي تعرف وضع اليمن تماما وتعرف التداعيات ؟ لا شك انه جاء ايضا بقرار سياسي ، يا انصار الاصلاح والمؤتمر: اتقوا الله في بلادكم ، قياداتكم والكثير من رجالكم في الخارج ، الاصلاح والمؤتمر اصبحا في المدرجات ، فترفعوا او فاليذهب الحزبان بل فالتذهب كل الاحزاب الى الجحيم ، فاليمن اكبر من الاحزاب ، حفظ الله اليمن من كيد الكائدين وجمع كلمة ابنائه على الحق.