مجمع تعز القضائي يُعلّق أعماله إثر اقتحام مسلح وخطف ضباط: قضاة يحمّلون اللواء 22 ميكا المسؤولية ويُطالبون بمحاسبة الجناة

أعلن المجمع القضائي في مدينة تعز، اليوم الخميس، تعليق جميع أعماله القضائية بشكل مؤقت، في أعقاب حادثة اقتحام مسلح خطيرة نُفذت من قبل عناصر مسلحة تابعة للواء 22 ميكا، في تصعيد يُعدّ من أخطر الاعتداءات على مؤسسة القضاء في اليمن خلال السنوات الأخيرة.
وجاء قرار تعليق العمل القضائي رداً على الاعتداء الصارخ الذي شهدته أروقة المحكمة، حيث اقتحم مسلحون ينتمون إلى أحد الألوية العسكرية المنضوية تحت مظلة محور تعز، المجمع القضائي، واعتدوا بالقوة على أفراد الأمن المرابطين في محيط المحكمة، وقاموا باختطاف ضابط وفرد أمن أثناء جلسة قضائية كانت تُعقد لنظر قضية تتعلق بزميل لهم.
وأكدت مصادر قضائية وحقوقية أن المسلحين، وهم يرتدون الزي العسكري ويرافقهم قائد عسكري بارز من اللواء 22 ميكا، داهموا قاعة المحكمة وسط إطلاق نار وتهديد مباشر لهيئة المحكمة والحضور، واقتحموا السجن المركزي المرتبط بالمجمع، في محاولة لتحرير أحد السجناء المتهم بجريمة "شروع في قتل"، ما أثار حالة من الفوضى والهلع داخل المبنى القضائي.
وأُجبرت المحكمة على تعليق جلستها بعد أن اختطف المسلحون الضابط "عطاف السفياني"، نائب مدير شرطة المحافظة، وفردًا من مرافقيه، بالإضافة إلى ضابط الأمن المسؤول عن حماية قاعة المحكمة، واقتادوهم إلى جهة مجهولة، في تصرف يُعد تجاوزًا صارخًا لسيادة القانون ويُنذر بانهيار مؤسسات الدولة.
وفي بيان رسمي مُوقع من رؤساء المحاكم والنيابات في محافظة تعز، أدان القضاة "الاعتداء الجبان على مقر العدالة"، مشيرين إلى أن "الذين نفذوا الجريمة ينتمون إلى اللواء 22 ميكا، وأنهم استخدموا السلاح والقوة لفرض إرادتهم على القضاء، في سابقة خطيرة تهدد استقلال السلطة القضائية وتنسف مبدأ فصل السلطات".
وأكد البيان أن "هذا الاعتداء ليس الأول من نوعه، بل يأتي في سياق سلسلة من التدخلات العسكرية والاعتداءات المتكررة على القضاء في تعز"، داعيًا وزارة العدل، والسلطة القضائية العليا، ووزارة الدفاع، إلى اتخاذ "إجراءات رادعة فورية وحاسمة" لحماية القضاة ومؤسسات العدالة، ومحاسبة المتورطين.
وأضاف البيان: "نحمل قيادة اللواء 22 ميكا المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة، ونطالب بتسليم المعتدين وتقديمهم للعدالة، وإطلاق سراح المختطفين فورًا"، محذرين من أن "السماح بتمرير هذه الحادثة دون عقاب سيُشجع على مزيد من التمادي في تقويض الدولة".
وانتشر على منصات التواصل الاجتماعي مقطع مصور يوثق لحظات الاقتحام، أظهر المسلحين وهم يدخلون المحكمة بسلاحهم ويوجهون التهديدات للقضاة، ما أثار موجة غضب واسعة بين النشطاء والناشطات الحقوقيين، الذين وصفوا الحادثة بـ"الانقلاب على الدولة" و"الاستهانة الفاضحة بالقانون".
وطالب مغردون وناشطون قيادة وزارة الدفاع والسلطة المحلية في تعز بالتدخل العاجل، وضبط الجناة، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، مشددين على أن "القضاء خط أحمر، وأن أي تدخل عسكري في شؤونه يُعدّ عدوانًا على وطنية الدولة وشرعيتها".
ويُعدّ هذا الحادث من أخطر الاعتداءات على المؤسسة القضائية في اليمن، خصوصًا في ظل التدهور الأمني والانقسامات العسكرية داخل المدينة، ما يطرح تساؤلات جادة حول فاعلية الدولة في فرض سلطتها وحماية مؤسساتها الحيوية.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه المحكمة مغلقة، تُواصل القوى القضائية في تعز دعواتها لإطلاق سراح المختطفين، وتحذيرها من عواقب الصمت على مثل هذه الانتهاكات، مشددة على أن "العدالة لا تُقاس بالقرارات، بل بالقدرة على حماية من يُنفّذها".