العقل العسكري للمليشيات الحوثية: محمد عبدالكريم الغماري من الظل إلى صدارة الإرهاب

الارهابي محمد عبدالكريم الغماري هو أحد أهم وأخطر القيادات العسكرية في مليشيات الحوثي الارهابية اسمه برز بقوة منذ انقلاب المليشيات على الدولة في سبتمبر 2014 لكنه لم يظهر فجأة وكان جزء من تركيبة المليشيات وعلاقاته بها ممتدة لسنوات قبل الانقلاب.
ينحدر الغماري من عزلة ضاعن بمديرية وشحة في محافظة حجة على الساحل الغربي لليمن ومنذ شبابه كان معروف بتوجهاته المتشددة وقربه من أفكار مليشيات الحوثي وبدأ مشواره معهم من خلال ما كانت تسمى الدورات الثقافية التي أسسها مؤسس المليشيات الحوثية الهالك حسين بدر الدين الحوثي في صعدة فالدورات كانت مدخل لتدريب وتأهيل الشباب وتأسيس شبكة علاقات متينة بين عناصر مليشيات الحوثي .
كون الغماري نتيجة للدورات الثقافية علاقات قوية مع قادة الصف الأول في المليشيات كما حصل على تدريبات عسكرية متقدمة في مناطق حدودية بمحافظة صعدة بإشراف خبراء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني اللذين يدعمان المليشيات الحوثية.
خلال الحروب الست التي دارت بين المليشيات الحوثية والدولة في مناطق صعدة كان الغماري من أبرز القادة الميدانيين قاد عمليات نوعية في المناطق الجبلية الصعبة مستفيد من تكتيكات حرب العصابات التي تعتمدها إيران في مواجهات غير متكافئة وهذه الخبرة جعلته لاعب أساسي في العمليات العسكرية ورفعت من مكانته داخل المليشيات الحوثية.
بعد سقوط العاصمة صنعاء بيد المليشيات عين الغماري مسؤول عن توسيع نفوذ المليشيات في محافظتي الحديدة وحجة وهما محافظتان استراتيجيتان على الساحل الغربي واستغل موقعه ليبني نظام مالي عنيف قائم على الجبايات والضرائب من السكان والتجار خاصة في الموانئ والطرق الرئيسية كما جعل المناطق ممر رئيسي لتهريب الأسلحة التي تصل إلى المليشيات عبر البحر الأحمر القادمة من النظام إيراني.
يرتبط الغماري بشكل مباشر مع قيادات الحرس الثوري الإيراني ومستشاري حزب الله اللبناني وهو على اتصال دائم معهم وكلف بإدارة مهام سرية تتعلق باستقبال شحنات الأسلحة وتوزيعها على جبهات القتال كما يشرف على برامج تدريب خاصة لعناصر مختارة من المليشيات تشمل تدريبات على استخدام الطائرات المسيّرة (الدرونز) والصواريخ الباليستية.
بالإضافة إلى دوره العسكري يلعب الغماري دور أمني خفي داخل نظام المليشيات الحوثية وأشرف على حملات اعتقال واسعة استهدفت ضباط سابقين في الجيش اليمني رفضوا الخضوع للمليشيات وأدار شبكات تجسس داخل المؤسسات الحكومية والمناطق التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي كما يتهم بتنفيذ عمليات تصفية داخلية ضد قيادات حوثية منافسة لضمان بقاء ولاء القيادات العسكرية له وللمشروع الإيراني.
خطورة الغماري لا تكمن فقط في موقعه كرئيس لهيئة الأركان الحوثية وانما في كونه الحلقة التي تربط بين المشروع الإيراني في اليمن والجانب العسكري للمليشيات الحوثية وهو المحرك الرئيسي لأي تصعيد عسكري أو تحركات عسكرية للمليشيات الحوثية وقدرته على الجمع بين القيادة العسكرية الميدانية وإدارة العمليات السرية جعلته شخصية صعبة التحدي ووجوده في هذا الموقع يعني استمرار تهديد الأمن في اليمن والمنطقة.
مسيرة الغماري تمثل بوضوح تطور المشروع مليشيات الحوثي ذاته من جماعة صغيرة متطرفة تنشط في كهوف صعدة إلى قوة عسكرية متطرفة ومتطورة مدعومة من إيران تمتلك أسلحة متقدمة وتستخدمها لفرض السيطرة والابتزاز داخل اليمن وتهديد دول الجوار وهو شخصيته تجمع بين الولاء التام لإيران والقدرة على المناورة السياسية والعسكرية وبين القسوة في إدارة المعارك والدهاء في التعامل مع الصراعات الداخلية.
فإن التخلص من نفوذ الغماري أصبح ضرورة لأي مسار جدي لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن لأنه ببساطة يمثل المحور العسكري والإرهابي الذي يبقي الحرب مستمرة ويعقد كل الحلول.