السعيدي والهجوم على الجمهورية

اثار ما طرحه الأخ ضياء السعيدي في بودكاست ثمانية من الغمز واللمز بالجمهورية وبمن دعمها استياءا واسعا لدى اليمنيين وحق لهم ذلك فالأخ ضياء تملكته فكرة ان سبب نكبة اليمن هو الجمهورية والنظام الجمهوري لانها - حسب زعمه - لا تتناسب مع المجتمع اليمني وهذا ما يدور عليه كتابه " جمهورية بلا جمهور " وبعض مقالاته المنشورة قبل هذه المقابلة..هذه الفكرة التي تنسف أحد اهم منجزات اليمنيين عبر تاريخهم الطويل ليست من بنات افكاره وانما هي احياء متأخر لما طرحه دعاة الامامة بعد قيام الثورة وخاصة احمد محمد الشامي وزير خارجية البدر وال الوزير الذين دعوا الى قيام دولة يمنية اسلامية لا جمهورية ولا ملكية والدكتور محمد عبدالملك المتوكل الذي درسنا على يديه- للأسف -في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء ان ٢٦ سبتمبر كان انقلابا عسكريا وليس ثورة ، وكانت حجتهم ان الجمهورية استيراد لمنتج خارجي شيوعي في ذلك الوقت ومفروض من عبدالناصر ..ففي عام ١٩٦٦ كان احمد الشامي يهدر من اذاعة لندن بقصيدته " العنصرية " التي رد بها على رائد الحركة الوطنية الأول ابو محمد الحسن الهمداني واسماها - دامغة الدوامغ - وفيها يقول مستنكرا تبني الجمهورية بديلا عن حكم " بني علي " :
216.73.216.175
فهل تستبدلون بهدي (طه) ..
و (عترته) ضلال الجاحدينا؟
أبعد (محمد) وبني (علي) ..
نبايع بالإمامة (كوسجينا)
لقد هزلت إذن، والموت خير ..
وأشفى .. فأنظروا ما تأمرونا .. !
ويحذر اليمنيين من ان يستمعوا لصوت الجمهورية الذي يسميه "غراب الشؤم " لانهم بذلك سيفقدوا استقلالهم :
بني قومي، إذا لم تستفيقوا ..
فسوف ترون .. ما قد تكرهونا
(غراب الشؤم) ينعق في حماكم ..
لكيما تصبحوا متفرقينأ
وتغدو أرضكم منكم خواء ..
ويملكها (الأجانب) آمنينا
وتعلوا راية طبعت عليها ..
علامة من قد إتبعوا (لينينا)
والحل عنده - وعند دعاة الامامة - هو ان يتمسك اليمنيون بارثهم التاريخي بعيدا عن استيراد النماذج الخارجية - وهو ما تبناه الولد ضياء للأسف - حيث يقدم الشامي نصيحته لقبائل اليمن فيقول :
(بكيل) والأشاوس من بنيها ..
و (حاشد) بالرجال المخلصينا
و (مذحج) بالحشود إذا أستثيرت ..
و (عك) بالجنود مدججينا
لكم من أرضكم حصن حصين ..
إذا كنتم جميعاً .. صادقينا
فكونا إخوة في الله حقا ً ..
ولا تقفوا طريق الملحدينا!
ولا (المستخربين) وإن أجادوا ..
أفانين البيان مزخرفينا
(بأهل البيت)، بالأخيار منهم ..،
بصفوتهم، قفوا متمسكينا!
وتلك هي الخلاصة والغاية من مدح القبائل وتحذيرها من الوافد الخارجي ودعوتها للتمسك بارثها التاريخي اتباع ال البيت والتمسك بهم!
المفارقة ان الشامي وغيره قد تراجعوا عن هذا " الافك " بعد ان اصبحت الجمهورية أمرا واقعا وان ظلوا يغمزون فيها ويلمزون لكنهم لم يعودوا يجرأون لمهاجمتها علنا ..حتى الحوثي وهو الطبعة الجديدة للإمامة لم يجرأ ان يلغي الجمهورية - نظريا - ويهاجمها علنا ..كما فعل الاخ ضياء ..المفارقة أن ضياء في أحد مقالاته يرى أن الحل هو ملكية دستورية وهو قول ينبي عن ذهول تام عن الواقع كما أن المقارنة بدول الخليج مقارنة غير موضوعية لأسباب عدة لا تخفى على اي دارس .. الخلاصة ان الأخ ضياء لديه قدرة تحليلية جيدة لكنه يفتقر الى معرفة تاريخ اليمن وتجربته التاريخية وقد وقع بأخطاء فادحة في مقابلته لا يقع بها اي شاب عادي فضلا عن طالب علم ما بالك بمن يقدم نفسه باحثا ومؤلفا ..لا اتحدث عن قوله ان العطاس قتل في ٨٦ فقد تكون زلة لسان لكنه اورد بكل ثقة معلومات تاريخية تكشف السطحية والجهل الكبير مثل قوله :
ان الدولة الرسولية التي استمرت قرنين من الزمن الثامن والتاسع الهجريين كانت تتبع الدولة الايوبية وهي اصلا ما قامت كدولة الا بطرد الايوبيين من اليمن بل ومن الحجاز وان الدولة الطاهرية "في القرن العاشر الهجري" كانت تتبع الفاطميين " في القرن الثالث الهجري"!! ..وان مقتل مشايخ خولان في بيحان كان في عهد الحمدي مع انها وقعت في عهد القاضي عبدالرحمن الارياني وان الحمدي جاء،من خلفية بعثية ..الخ ..واما اكذوبة ان الدولة الزيدية استمرت الف عام وان الامام احمد لم يكن وليا لعهد أبيه ..فهي تدل على انه لم يقرأ شيئا عن تاريخ الامامة قديما ولا حديثا
يحتاج الولد ضياء الى التواضع قليلا والعودة الى المراجع التاريخية وعدم الاستعجال لبناء سرديات في قضايا كبيرة كقضية الجمهورية ..
هذه ملاحظات سريعة ..وليست ردا علميا عليه ..وليس من الصعب تفنيد اطروحته والاخطاء التي وقع فيها .