السبت 16 أغسطس 2025 10:07 صـ 22 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”فيديو أشعل غضب اليمنيين... من واتساب إلى السجن ثم التحرير بالسلاح.. رحلة فيديو ابناء مشرف حوثي”

السبت 16 أغسطس 2025 11:08 صـ 22 صفر 1447 هـ
”فيديو أشعل غضب اليمنيين... من واتساب إلى السجن ثم التحرير بالسلاح.. رحلة فيديو ابناء مشرف حوثي”

في واقعة تُعدّ واحدة من أكثر الحوادث إثارة للجدل في الشارع اليمني خلال يوم امس ، تحوّل مقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم إلى بؤرة اتهامات، وتحقيقات أمنية، وتدخلات نافذة.

216.73.216.175

القصة التي بدأت على شكل "حالة واتساب"، انتهت بزيارة مسلحة لقسم شرطة، وتهديدات، وتحرير محتجزين بالقوة، في مشهد يطرح تساؤلات خطيرة حول الإفلات من العقاب، وازدواجية تطبيق القانون، ونفوذ المتنفذين في اليمن.

الفيديو الذي هزّ صنعاء: مقلب أم فضيحة؟

في البداية، تناقل آلاف المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا وُصف بأنه "مخل بالآداب العامة"، ويظهر فيه مجموعة من الشباب والشابات في موقف حميمي داخل سيارة.

سرعان ما انتشر الفيديو، وسط غضب واسع من قبل نشطاء اعتبروا أن المقطع ينتهك القيم المجتمعية، وطالبوا بالتحقيق العاجل.

لكن بعض المصادر المحلية كشفت لاحقًا أن الفيديو ليس حقيقيًا بالشكل الذي تم تداوله، بل هو "مقلب" تم تصويره بين مجموعة من الشباب كجزء من دعابة داخل دائرة محدودة على تطبيق واتساب، حيث قام بعضهم بالتنكر بزي نسائي، دون نية للنشر خارج نطاق الأصدقاء.

التحقيق يبدأ... والاعتقالات تُنفذ

بعد انتشار الفيديو، باشرت إدارة التحريات في قسم شرطة السياغي بالعاصمة صنعاء إجراءات التحقيق، وتمكنت من تحديد هوية عدد من الأشخاص الظاهرين في المقطع.

ووفق مصادر أمنية، تم الاتصال بهم ودعوتهم للحضور إلى القسم، حيث تم عرض المقطع عليهم.

واستمع المحققون إلى أقوالهم، حيث نفى أحدهم نشر المقطع، قائلاً:

"أنا فعلت المقطع حالة على الواتساب فقط، ولم أنشره على أي موقع... شوفوا من نشره، وحبسوه".

لكن رغم ذلك، قرر الضابط المحقق احتجازهم احترازيًا لحين اكتمال التحقيقات، نظرًا لحساسية المحتوى وتأثيره على الرأي العام.

المفاجأة: تدخل نافذ بقوة السلاح

في اللحظة التي كان فيها الشبان على وشك دخول السجن، وصل والدهم مصحوبًا بقوة مسلحة مذهلة:

  • سيارة لكزس فاخرة
  • ثلاث سيارات شاص
  • أكثر من 40 مسلحًا

الوالد لم يكن مجرد والد عادي، بل هو مشرف عام للثقافة القرآنية لمليشيات الحوثي ، وعضو في المجلس السياسي الأعلى التابع لسلطات الانقلاب، ووالد مايصفونهم "شهداء" في الجماعة.

وبصوت عالٍ، توجه إلى الضابط قائلاً:

"وش عليك؟ هل لك صلة قرابة مع البنات؟ ركبوا مع عيالي برضاهم، وهن يا خبير (ق...... ب..) من حق صنعاء! من أنت ومن حضرتك تحبس عيالي؟"

ثم، وبحسب شهود عيان، تهجم على شاوش السجن وأجبره على فتح الباب بالقوة، وخرج أبناؤه دون أن تُتخذ أي إجراءات قانونية بعدها.

من هم هؤلاء؟ صعدة والنفوذ

الأبناء، وهم ح .هـ وشقيقه الاصغر، ينتمون إلى عائلة حوثية نافذة من محافظة صعدة، معقل الجماعة الحوثية. والدهم، ، يُعدّ من الشخصيات البارزة في الهيكل القيادي، ما يفسر القوة التي واجه بها الأجهزة الأمنية.

الواقعة فتحت الباب على مصراعيه أمام انتقادات واسعة، حيث تساءل ناشطون:

  • لماذا يُحتجز البعض ، بينما يُطلق سراح آخرين بالقوة؟
  • هل القانون يُطبّق على "العامة" فقط؟
  • كيف يُسمح لمشرف مسؤول باستخدام السلاح لفرض إرادته على جهاز أمني؟

ردود الفعل: غضب شعبي واتهامات بالتمييز

على وسائل التواصل، تصدر هاشتاقات مثل #نفوذ_وسلاح و#خرق_القانون، مطالبين بالمساءلة.
وكتب أحد النشطاء:

"إذا كان هذا هو حال القانون في صنعاء، فمتى سيأتي دور العدالة؟"

انهيار القيم في ظل سلطة الأمر الواقع: هل نحن أمام فوضى أخلاقية أم فساد مؤسسي؟

في الوقت الذي تُرفع فيه شعارات "الإصلاح الاجتماعي" و"التمسك بالهوية الإسلامية" من على منابر سلطة صنعاء الحوثية ، تتكشف وقائع مثل هذه الحادثة لتُظهر صورة معاكسة تمامًا: مجتمعًا يئن تحت وطأة التناقضات، حيث تُنتهك القيم باسم الدين، وتُحمى المخالفات باسم النفوذ.

الانفلات الأمني، وفرض السيطرة بالسلاح، وتجاوز الأجهزة الرسمية من قبل المتنفذين، لم يعد ظاهرة فردية، بل أصبح نمطًا مكررًا في مناطق سيطرة الحوثيين.

فبينما تُشن حملات "لحفظ الفضيلة" وتُقفل المقاهي وتُمنع الموسيقى، نرى في المقابل أبناء المشرفين يُطلق سراحهم بالقوة بعد تورطهم في محتوى مخل، بينما يُسجن آخرون على خلفية تهم مشابهة.

"الحوثيون يحكمون بالشريعة في الإعلام، وبالسلاح في الواقع، وبالمحسوبية في التطبيق" — تعليق متداول على منصات التواصل.

الانهيار لا يكمن فقط في سلوك الشباب، بل في البنية التي تُشجع على الإفلات من العقاب. فعندما يكون للمرء "والي" أو "مشرف" أو "شهيد" في العائلة، تصبح القوانين مجرد أوراق تُثنى أو تُمزق. أما من لا نفوذ له، فيُقاس عليه القصبة، ويُعاقب بأقصى العقوبات.

والأكثر إثارة للقلق أن التحريض على الأخلاق لا يُرافقه أي رقابة حقيقية على النخبة الحاكمة. فالمرشد العام يتحدث عن "تطهير المجتمع"، لكن أبناء قياداته يُسيطرون على الشوارع بسلاح غير مرخص، ويُنتهكون الأعراف دون رادع.

موضوعات متعلقة