الخميس 21 أغسطس 2025 08:17 مـ 27 صفر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

الصحفي الفلسطيني انس الشريف يخلد في تريم بجدارية فنية

الخميس 21 أغسطس 2025 08:42 مـ 27 صفر 1447 هـ
الجدارية
الجدارية

في قلب مدينة تريم بمحافظة حضرموت شرقي اليمن، برزت جدارية فنية ضخمة تجسد صورة الصحفي الفلسطيني الشهيد أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء تغطيته العدوان على قطاع غزة.

216.73.216.123

المبادرة الفنية حملت في طياتها رسائل إنسانية وسياسية وثقافية، عبّرت عن تضامن اليمنيين مع قضية فلسطين، وعن الدور الحيوي الذي يمثّله الفن التشكيلي في مقاومة النسيان وتخليد التضحيات.


الجدارية: عمل فني بامتياز

أُنجزت الجدارية خلال 20 ساعة متواصلة من العمل الدقيق، تحت إشراف الرسام العُماني منتصر الغافري، وبمشاركة مجموعة من الرسامين المحليين في حضرموت.

وقد حرص القائمون على أن يظهر الشريف في لوحته مرتدياً الدرع الواقي للصحفيين، وعلى صدره شعار قناة الجزيرة، رمزاً للمهنية والالتزام بنقل الحقيقة.
العمل لم يكن مجرد لوحة فنية، بل شكل مساحة مفتوحة للجمهور، حيث تجمّع عشرات من سكان المدينة وزوارها لالتقاط الصور، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما حول الجدارية إلى حدث بصري وثقافي لافت.

الرسالة الإنسانية والسياسية

الفنانون المنفذون أكدوا أن هذه الخطوة جاءت تكريماً لروح الشريف، ورسالة تضامن مع الصحفيين الفلسطينيين الذين يدفعون حياتهم ثمناً لكشف الحقيقة. وأوضح الرسام الغافري أن الفن يمكن أن يكون أداة مقاومة ثقافية، تحفظ الأسماء والوجوه في الذاكرة الجماعية، وتعيد إنتاج الرواية الفلسطينية من خلال الألوان والجداريات.

من هو أنس الشريف؟

أنس الشريف (36 عاماً)، صحفي فلسطيني بارز، انضم إلى شبكة الجزيرة الإعلامية، وعُرف بتقاريره الميدانية من غزة، حيث كان في قلب الأحداث يوثق المعاناة الإنسانية، والدمار الذي خلّفته الاعتداءات الإسرائيلية.
في آخر ظهور له، كان الشريف يغطّي العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، مرتدياً درعه الواقي الذي كتب عليه كلمة "PRESS".

إلا أن ذلك لم يشفع له أمام آلة القتل الإسرائيلية، إذ استُهدف بشكل مباشر، ليسقط شهيداً مع عشرات من زملائه الصحفيين الذين قضوا خلال الحرب.


اليمن وفلسطين: وحدة التضامن

اختيار مدينة تريم لإنجاز هذه الجدارية لم يكن اعتباطياً، فهذه المدينة العريقة تُعرف بعمقها الثقافي والديني، وبمواقفها التاريخية الداعمة لفلسطين. المبادرة عكست كيف أن الوجدان العربي والإسلامي يظل متصلاً بقضية فلسطين، وأن الحدود لا تقطع أوصال التضامن.

تحوّلت الجدارية إلى معلم بارز في المدينة، ليس فقط لكونها لوحة فنية، بل لأنها أصبحت ذاكرة حيّة تُذكّر المارّة باسم أنس الشريف، وتعيد إلى الأذهان أن حرية الصحافة في فلسطين تُدفع أثمانها من دماء المراسلين. إنها صرخة بصرية ضد الصمت، وضد محاولات طمس الحقيقة.

بجدارية تريم، يثبت الفن مرة أخرى أنه ليس للزينة وحدها، بل هو فعل مقاومة ووسيلة تخليد. أنس الشريف رحل جسداً، لكن صوته وصورته لا تزال حاضرة، تنطق من جدار حضرمي بعيد عن غزة جغرافياً، قريب منها وجدانياً، لتقول: "الذاكرة لا تموت".

موضوعات متعلقة