يهودي ومنقّبة في مجلس الشعب السوري الجديد .. انتخابات سوريا الأولى بعد التحرير

انطلقت صباح الأحد في سوريا أول عملية اقتراع لانتخابات مجلس الشعب بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، في حدث وصفه مراقبون بأنه لحظة مفصلية في مسار التحول السياسي للبلاد، ومرحلة تأسيسية لإعادة بناء مؤسساتها التشريعية.
وتأتي هذه الانتخابات في ظل مرحلة انتقالية حساسة، حيث يتطلع السوريون إلى برلمان جديد يعكس تطلعاتهم ويؤسس لواقع سياسي أكثر شمولًا وتمثيلًا، بعد عقود من الإقصاء والتهميش. وقد شهدت العملية الانتخابية حالات ترشح غير مسبوقة أثارت تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، أبرزها ترشح السيدة غدير محمد مرعي، المنتقبة، في سابقة تاريخية لم يكن من الممكن تصورها في عهد النظام السابق، إلى جانب ترشح المواطن السوري اليهودي هنري حمرة، نجل آخر حاخام غادر البلاد في تسعينيات القرن الماضي، ليصبح أول مرشح يهودي منذ نحو سبعة عقود.
هذه الترشيحات الرمزية اعتبرها كثيرون مؤشرًا على انفتاح سوريا الجديدة على جميع مكوناتها، حيث عبّر متابعون عن دعمهم لغدير مرعي بوصفها صوتًا نسائيًا من قلب المعاناة، فيما اعتُبر ترشح حمرة خطوة نحو تجاوز حقبة الإقصاء الطائفي، والانتقال إلى مرحلة المشاركة الوطنية الجامعة.
الرئيس السوري أحمد الشرع، وخلال تفقده سير العملية الانتخابية في مركز المكتبة الوطنية بدائرة دمشق، أكد أن الانتخابات الحالية تتماشى مع طبيعة المرحلة الانتقالية، مشددًا على أن بناء سوريا مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود جميع أبنائها. وأشار إلى أن هناك قوانين معلقة بحاجة إلى تصويت برلماني للمضي قدمًا في عملية الإصلاح، مؤكدًا أن عجلة التشريع ستتحرك بوتيرة أسرع مع استمرار الرقابة لضمان الشفافية والمساءلة.
وتُجرى الانتخابات وفق آلية مؤقتة حددها المرسوم الرئاسي رقم (66) لعام 2025، الذي نص على تشكيل لجنة عليا للانتخابات برئاسة محمد طه الأحمد وعضوية عشرة أعضاء، تتولى الإشراف الكامل على العملية. وينص المرسوم على توزيع أعضاء المجلس وفق الكثافة السكانية، مع تعيين ثلث الأعضاء من قبل الرئيس، وانتخاب الثلثين عبر هيئات ناخبة موزعة على المحافظات.
ويتألف مجلس الشعب الجديد من 210 أعضاء، منهم 140 منتخبًا و70 معينًا، وتُجرى الانتخابات بشكل غير مباشر عبر 6 آلاف ناخب من الهيئات الإقليمية، في عملية بدأت صباحًا وتنتهي مبدئيًا عند الثانية عشرة ظهرًا، مع إمكانية التمديد حتى الرابعة عصرًا.
وقد وافقت اللجنة العليا على ترشح 1570 شخصًا، بينهم 14% من النساء، حيث عرض المرشحون برامجهم في ندوات ومناظرات خلال الأسبوع الماضي، وسط اهتمام شعبي وإعلامي متزايد بمسار التحول السياسي في البلاد.
وتُعد هذه الانتخابات خطوة أولى نحو إعادة تشكيل الحياة السياسية في سوريا، وتأسيس برلمان يُفترض أن يكون أكثر تمثيلًا وتنوعًا، في ظل تطلعات شعبية واسعة لبناء دولة مدنية ديمقراطية تستوعب جميع مكوناتها.
216.73.216.22