احتجاجات ”جيل زد” في المغرب تدخل أسبوعها الثاني وسط تراجع في الحضور وتدخلات دولية

دخلت احتجاجات حركة "جيل زد" الشبابية في المغرب أسبوعها الثاني، وسط ملاحظة تراجع ملحوظ في أعداد المشاركين، مقارنة بالموجة الأولى من الحراك التي هزت عدداً من المدن المغربية خلال الأيام الأولى لانطلاقها.
ورغم هذا الانخفاض، دعت الحركة الشبابية إلى الخروج مجدداً في وقفات احتجاجية اليوم الأحد، الموافق 5 أكتوبر 2025، في 22 مدينة مغربية، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان الحراك يتجه إلى الانحسار، أم أنه بصدد إعادة التموضع.
احتجاجات تكتسب بعداً دولياً ومتابعة من منظمات أممية
216.73.216.22
بحسب الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، الدكتور مصطفى عنترة، فإن دخول بعض الأطراف الدولية على خط الاحتجاجات مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ومنظمات حقوقية عالمية، إلى جانب إعلان شباب من الجالية المغربية بالخارج نيتهم تنظيم وقفات أمام السفارات المغربية، قد منح الحراك بعداً جديداً وخارجياً.
وأشار عنترة في تصريحات لصحيفة "العربي الجديد" إلى أن بعض وسائل الإعلام الدولية تعاملت مع الوضع في المغرب على أنه على "حافة الانهيار"، محذّراً من إمكانية استغلال أطراف معادية للأزمة، بما يسيء لصورة المملكة ويقوّض المكتسبات السياسية والتنموية التي تحققت خلال العقدين الأخيرين.
رسالة إلى الملك وانتظار الرد الملكي
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي إدريس الكنبوري أن حركة "جيل زد" تعبّر عن سخط اجتماعي عميق كان مكبوتاً، وأن الحراك لا يزال مرشحاً للاستمرار. وأكد أن رسالة موجهة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس تضمنت ثمانية مطالب رئيسية، مشدداً على أن الكرة باتت الآن في ملعب القصر، وأن غياب الاستجابة قد يؤدي إلى تجدد موجات الغضب الشعبي.
تأثير الحراك قد يكون مؤسساتياً رغم تراجع الحماس
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة سطات، الدكتور عبد الحفيظ اليونسي، فرأى أن الحراك، حتى وإن خفت ميدانه، قد يخلّف تأثيرات مؤسساتية بعيدة المدى، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم ومحاربة الفساد.
وأوضح اليونسي أن طبيعة النظام السياسي المغربي تجعل من أي حركة اجتماعية حقيقية محفزاً لتغيرات على مستوى السياسات العمومية، مشيراً إلى أن التظاهرات والاعتصامات قد تتراجع بمرور الوقت، لكن صداها سيبقى حاضراً.
احتمالات متعددة للمستقبل... بين الإصلاح أو إنهاك الشارع
بدوره، أكد الناشط الحقوقي خالد البكاري أن كل السيناريوهات واردة في المرحلة المقبلة، خاصة مع ما وصفه بـ"الانفتاح النسبي" في التعامل الرسمي مع الحراك، سواء على مستوى الإعلام العمومي أو على صعيد تقليص التدخلات الأمنية العنيفة.
وتحدث البكاري عن احتمالين رئيسيين لمآلات الاحتجاجات:
-
الاحتمال الأول: أن تستثمر الدولة هذه الاحتجاجات كفرصة للقيام بإصلاحات عميقة، قد تشمل إقالات ومحاسبة مسؤولين بهدف امتصاص الغضب وتهدئة الشارع.
-
الاحتمال الثاني: أن تراهن الدولة على سياسة التهدئة البطيئة، في انتظار أن يفتر زخم الشارع مع الوقت، مع المحافظة على الحد الأدنى من الانفتاح والتواصل.
وأشار إلى أن حتى لو خفتت الاحتجاجات مؤقتاً، فإن العوامل التي أطلقتها لا تزال قائمة، مما يجعل عودتها في المستقبل احتمالاً وارداً، وربما بصيغ أكثر راديكالية.
حراك "جيل زد" في المغرب دخل مرحلة مفصلية، تتسم بتراجع ميداني نسبي ولكن بزخم إعلامي وسياسي متزايد. ومع تعدد القراءات للمشهد، تبقى استجابة الدولة للمطالب الشبابية المحدد الرئيسي لمستقبل هذه الحركة.