بطعم الحرية.. سوريا تبدأ أول انتخابات برلمانية بعد سقوط نظام الأسد

تبدأ سوريا غدًا أول عملية انتخابية لمجلس الشعب منذ سقوط النظام البائد، في حدث يُعد نقطة تحول تاريخية نحو تأسيس مؤسسات تشريعية جديدة تعبّر عن المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد منذ ديسمبر 2024. الانتخابات، التي تُجرى وفق آلية مؤقتة أقرها الرئيس أحمد الشرع، تمثل أول اختبار ديمقراطي بعد التحرير، وتُجرى في خمسين دائرة انتخابية موزعة على معظم المحافظات، باستثناء بعض المناطق التي أُرجئ فيها التصويت لأسباب لوجستية وأمنية.
انطلاق الاقتراع وآلية التصويت
تفتح مراكز الاقتراع أبوابها عند التاسعة صباحًا، حيث يتوافد أعضاء الهيئات الناخبة المعتمدون للإدلاء بأصواتهم. تبدأ العملية بتسليم البطاقة الانتخابية، ثم الورقة الرسمية المختومة، قبل الدخول إلى غرفة الاقتراع السرّي، ليتم وضع الورقة في الصندوق بشكل علني. وتنتهي عملية التصويت مبدئيًا عند الثانية عشرة ظهرًا، مع إمكانية التمديد حتى الرابعة عصرًا إذا لم يُدلِ جميع الأعضاء بأصواتهم.
فرز الأصوات وإعلان النتائج
عقب انتهاء التصويت، تُفتح صناديق الاقتراع أمام وسائل الإعلام، وتبدأ عملية الفرز العلني، على أن تُعلن النتائج الأولية مباشرة. بعدها تُحال العملية إلى لجان الطعون للنظر في أي اعتراضات، قبل إعلان النتائج النهائية خلال مؤتمر صحفي رسمي يوم الإثنين أو الثلاثاء المقبل.
المرشحون والهيئات الناخبة
بلغ عدد المرشحين لعضوية مجلس الشعب 1578 شخصًا، بينهم 14% من النساء، بعد إغلاق باب الترشح في 28 سبتمبر. وانتهت الحملة الدعائية مساء الجمعة، ليكون السبت يوم الصمت الانتخابي. ويُنتخب ثلثا أعضاء المجلس من قبل الهيئات الناخبة، بينما يُعيّن الثلث المتبقي من قبل رئيس الجمهورية، وفقًا للمرسوم الرئاسي رقم 66 لعام 2025.
نظام انتخابي جديد
المرسوم الرئاسي حدّد تشكيل اللجنة العليا للانتخابات برئاسة محمد طه الأحمد وعضوية عشرة أعضاء، للإشراف الكامل على العملية. كما نصّ على توزيع المقاعد حسب الكثافة السكانية، مع مراعاة فئتي الأعيان والمثقفين، وضمان تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 20%، إضافة إلى تمثيل المهجّرين وذوي الشهداء ومصابي الثورة وذوي الإعاقة والناجين من الاعتقال.
ضوابط صارمة لمنع تسلل داعمي النظام السابق
شددت اللجنة العليا على شروط عضوية الهيئة الناخبة، أبرزها عدم الانتماء لمجلس الشعب السابق أو الترشح له بعد عام 2011، إلا في حال إثبات الانشقاق. كما استُبعد كل من ثبت دعمه للنظام البائد أو التنظيمات الإرهابية أو دعاة الانفصال، مع اعتماد آلية طعون شعبية ورقابة إلكترونية لرصد أي خروقات.
إجراءات ميدانية وتحضيرات موسعة
منذ تشكيلها، نفذت اللجنة العليا جولات ميدانية في المحافظات، وعقدت لقاءات مع مختلف مكونات المجتمع السوري، لاختيار أعضاء اللجان الفرعية بالتشاور مع الفعاليات المحلية، والإشراف على المراكز الانتخابية. كما شُكّلت لجان طعون قضائية مستقلة في كل محافظة، للنظر في الاعتراضات على القوائم والنتائج.
مناطق مؤجلة ومقاعد شاغرة
رغم شمول معظم المحافظات بالعملية، أُجّل التصويت في بعض مناطق الرقة والحسكة (معدان، رأس العين، تل أبيض)، كما ستبقى مقاعد محافظة السويداء شاغرة إلى حين توافر الظروف المناسبة.
مدة المجلس الجديد
من المقرر أن يستمر مجلس الشعب الجديد لمدة سنتين ونصف، قابلة للتمديد، ليكون أول مجلس تشريعي في سوريا بعد مرحلة التحرير، ويُنتظر أن يلعب دورًا محوريًا في صياغة التشريعات وبناء مؤسسات الدولة الجديدة.
216.73.216.22