إقبال كبير على الكريبتو في سوريا رغم غياب الضمانات والمخاطر القانونية

رغم غياب الأطر القانونية والضمانات الرسمية، لقت سوق العملات المشفرة في سوريا إقبالًا متزايدًا من قبل المواطنين الباحثين عن بدائل لحماية مدخراتهم في ظل تراجع قيمة الليرة السورية وتحديات السيولة. ويعتمد المتداولون على وسطاء محليين ومنصات رقمية عالمية للوصول إلى هذه الأصول عالية المخاطر، ما يثير جدلًا واسعًا بين من يعتبرها ملاذًا ماليًا جديدًا ومن يحذر من مخاطرها القانونية والاقتصادية.
تداول العملات المشفرة
216.73.216.118
شهد السوق السورية توسعًا ملحوظًا في تداول العملات المشفرة، حيث يعتمد المتعاملون على مجموعات عبر تطبيق "تليغرام" بنظام P2P، أو من خلال وسطاء محليين في مدن مثل دمشق وحلب واللاذقية. كما يلجأ البعض إلى منصات عالمية مثل "بينانس" باستخدام الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) لتجاوز القيود.
وتُعد عملة تيثر (USDT) على شبكة "ترون" الأكثر استخدامًا بين المتداولين نظرًا لاستقرارها وسهولة تحويلها برسوم منخفضة، بينما يظل البيتكوين خيارًا شائعًا للتحوط طويل الأمد وحفظ القيمة.
إصدار ليرة رقمية
في المقابل، ظهرت خلال مطلع عام 2025 مقترحات بحثية تدعو إلى تقنين تداول العملات المشفرة وإصدار ليرة رقمية مدعومة بالذهب والدولار والبيتكوين، بهدف الاستفادة من موارد الطاقة غير المستغلة في التعدين، وفتح الباب أمام تنظيم السوق مستقبلًا بما يتيح الاستفادة من التكنولوجيا المالية الحديثة مع تقليل المخاطر.
في ظل التحديات الاقتصادية المتفاقمة التي تواجه السوريين، تشهد البلاد موجة غير مسبوقة من الإقبال على العملات الرقمية، رغم غياب الأطر القانونية والتنظيمية التي تحكم هذا النوع من التداول.
وبحسب مراقبين، باتت العملات المشفّرة مثل "بتكوين" و"USDT" وسيلة شائعة للتحوّط من انهيار الليرة السورية، ولتسهيل التحويلات المالية داخل وخارج البلاد، خاصة في ظل العقوبات وصعوبة الوصول إلى النظام المصرفي العالمي.
مصرف سوريا المركزي يحذر من التعامل بالعملة الرقمية
حذّر مصرف سوريا المركزي من التعامل بالعملات الرقمية، مؤكدًا أنها لا تُعد عملات قانونية معتمدة، ولا تخضع لأي إشراف أو ترخيص رسمي داخل البلاد. وعرّف المصرف هذه العملات بأنها "افتراضية تتكون من أكواد رقمية قابلة للتخزين، يتم تداولها إلكترونيًا عبر الإنترنت"، مشددًا على أن عمليات البيع والشراء التي تتم بها تُعتبر غير قانونية، وتحمل العديد من المخاطر التي تستوجب الحذر.
غياب التنظيم القانوني
وأوضح المصرف أن أبرز هذه المخاطر تتمثل في غياب التنظيم القانوني، وافتقار العملات الرقمية إلى إطار تشريعي واضح، ما يفتح الباب أمام استخدامها في أنشطة غير مشروعة، ويعرض المتعاملين لملاحقات قانونية، ويجعل من استرداد الأموال في حال الخسارة أمرًا شبه مستحيل.
كما أشار إلى انتشار عمليات النصب والاحتيال، نتيجة التعامل عبر منصات إلكترونية غير موثوقة، أو بسبب هجمات قرصنة تستهدف المحافظ الرقمية، مستغلة ضعف الوعي لدى المستخدمين بأساليب التداول الآمن، مما يؤدي إلى خسائر مالية جسيمة.
وأضاف المصرف أن العملات الرقمية تتسم بتقلبات سعرية حادة، قد تُفضي إلى خسائر كبيرة خلال فترات زمنية قصيرة، خاصة في ظل ظروف السوق غير المستقرة. ودعا المواطنين إلى عدم الانسياق وراء الوعود الوهمية بتحقيق أرباح سريعة، مؤكدًا أن المسؤولية القانونية والمالية تقع بالكامل على عاتق المتعاملين.
ورغم التحذيرات الرسمية، يرى خبراء اقتصاديون أن تداول العملات الرقمية بات يشكل وسيلة بديلة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي يعاني منها السوريون، حيث توفر هذه الأصول الرقمية فرصة استثمارية واعدة، وإمكانية لتخزين الأموال وإدارتها وتحويلها بسهولة، سواء داخل البلاد أو خارجها، بعيدًا عن القيود المفروضة على التحويلات التقليدية.
أقراأيضا:ديسمبر شهر الحسم.. أوروبا تترقب قرارات الفائدة وسط تضخم متصاعد | المشهد اليمني