”الراقص على رؤوس الثعابين” كشف حساب: هل كان علي عبد الله صالح منقذ اليمن أم مهندس انهياره؟

رغم مرور أكثر من 6 سنوات على مقتله، لا يزال اسم علي عبد الله صالح يُثير الجدل، يُحلل، ويُحاكم. ليس كرئيس سابق، بل كـ"مهندس" لواقع معقد يعيشه اليمن اليوم.
في حلقة استثنائية من برنامج "سجال"، تناول الكاتب السعودي البارز مشاري الذايدي بالتعاون مع المحلل السياسي اليمني صالح البيضاني أخطر فصول السياسة اليمنية: تحولات علي عبد الله صالح، تحالفاته المتقلبة، ومسؤوليته التاريخية عن أزمات البلاد.
216.73.216.10
الحلقة، التي أثارت تفاعلاً واسعاً على وسائل التواصل، كشفت عن تفاصيل جديدة حول علاقة صالح بالقبائل، والحوثيين، وتنظيم القاعدة، وفتحت باب السؤال الأكبر: هل كان صالح حاكماً حكيماً أم مهندساً للانهيار؟
"أنا الراقص على رؤوس الثعابين" – فلسفة سياسية أم لعبة متهورة؟
في إحدى مقابلاته الشهيرة، وصف علي عبد الله صالح نفسه بـ**"الراقص على رؤوس الثعابين"**، تعبيراً عن برامجيته في إدارة صراعات اليمن المعقدة.
لكن وفق تحليل مشاري الذايدي، فإن هذه الفلسفة لم تكن سوى تبرير للمناورة والانتهازية، حيث استخدم صالح كل طرف ضد الآخر للحفاظ على سلطته.
"الرقص على رؤوس الثعابين قد يبدو فناً، لكن عندما تقع... تكون النتيجة قاتلة. وهذا ما حدث في اليمن." — مشاري الذايدي
القبائل: عمود الدولة أو وقود الصراع؟
لا يمكن فهم سياسة صالح دون فهم الدور الجوهري للقبائل، خصوصاً قبيلة حاشد، التي كان يقودها الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، زعيم حزب الإصلاح.
وفق صالح البيضاني، كان لدى صالح خياران في بداية حكمه:
- مواجهة القبائل بالقوة.
- التحالف معها.
واختار الثاني، مدركاً أن من يملك القبيلة، يملك السلطة.
وقد نجح صالح في بناء شبكة ولاءات مع مشايخ القبائل، جعلته يُمسك بزمام الحكم لأكثر من ثلاثة عقود.
لكن هذه العلاقة، كما يُشير البيضاني، كانت مبنية على مصلحة مؤقتة، لا على ثقة دائمة.
تحالفات متغيرة: من الإخوان إلى الحوثيين
من أبرز ما سُلّط عليه الضوء في الحلقة هو تعدد أوجه علي عبد الله صالح السياسية:
- في الثمانينات: تحالف مع الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) لمواجهة الحزب الاشتراكي.
- في التسعينات: تفاوض مع اليساريين لتحقيق وحدة اليمن عام 1990.
- بعد 2011: تقارب مع الحوثيين لمواجهة المعارضة.
"لم يكن لديه عقيدة، بل كان لديه هدف واحد: البقاء." — صالح البيضاني
لكن الأكثر إثارة للجدل، بحسب البرنامج، هو علاقته المزدوجة مع تنظيم القاعدة.
أشارت تقارير دولية إلى أن قيادات من القاعدة هربت من السجون بعلم من أجهزة صالح، في خطوة يُنظر إليها كـ"استخدام متعمد للإرهاب كأداة ضغط".
الحوثيون: من حرب إلى تحالف... إلى اغتيال
ربما تكون المرحلة الأخيرة من حياة صالح هي الأكثر درامية.
بعد تنحيه في 2012 تحت ضغط "الربيع العربي"، ظن كثيرون أن دوره انتهى.
لكن في 2014، عاد إلى المشهد من بوابة التحالف مع الحوثيين، ساعداً في السيطرة على صنعاء.
لكن في ديسمبر 2017، فاجأ الجميع بإعلان انفصاله عن الجماعة، قائلاً:
"نفتح صفحة جديدة مع التحالف العربي."
في اليوم التالي، تم اغتياله برصاص الحوثيين، بينما كان يفرّ من العاصمة.
"الرقص انتهى... ووقع على الثعبان."
مسؤولية تاريخية: هل يتحمل صالح وزر انهيار اليمن؟
رغم الجدل حول تقييمه، يؤكد المُحللان أن المسؤولية السياسية تقع أولاً على من تولى السلطة لعقود.
خلال حكمه، شهدت اليمن:
- تفشي الفساد (احتلت اليمن مرتبة متقدمة في مؤشر الشفافية الدولية).
- تآكل مؤسسات الدولة (الجيش، القضاء، التعليم).
- تمدد الجماعات المسلحة (الحوثيون، القاعدة).
- فقدان الثقة من الجوار، خصوصاً السعودية.
"المسؤولية مشتركة، لكن من كان على رأس الهرم، عليه أن يُسأل أولاً." — صالح البيضاني