29 حالة شلل في 2025 وحدها: اليمن تتصدر قائمة الإصابات في الشرق الأوسط! ما الذي ينتظر الأطفال؟

في مؤشر صادم على تدهور الوضع الصحي في اليمن، كشفت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل 25 حالة إصابة جديدة بشلل الأطفال خلال الأسبوع الماضي، ما يرفع إجمالي الحالات المؤكدة في البلاد منذ مطلع العام إلى 29 حالة — ليصبح اليمن الدولة الأولى في إقليم شرق المتوسط من حيث عدد الإصابات بفيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح (cVDPV2) في 2025.
216.73.216.45
في بيان حازم صدر أمس، حذرت المنظمة من أن هذه الأرقام "ليست مجرد إحصائيات، بل نداء استغاثة من الأطفال المهددين بالشلل في بلد لم يعد قادراً على حمايتهم".
تفشي خطير في ظل انهيار صحي وحرب مستمرة
أكدت منظمة الصحة العالمية أن جميع الحالات الجديدة ناتجة عن فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح من النوع الثاني (cVDPV2)، وهو نوع يظهر في بيئات تعاني من تدني معدلات التحصين، حيث يتحوّر الفيروس الضعيف الموجود في اللقاح الحي فيروسًا قادرًا على التسبب بالعدوى والشلل.
وأوضح البيان أن هشاشة برامج التحصين تُعد السبب الجذري في هذا التفشي، خاصة في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، وانعدامًا شبه تام للبنية التحتية الصحية، وصعوبة وصول الفرق الطبية إلى السكان.
وقد توزعت الحالات الـ25 الجديدة على عدة محافظات يمنية، كان أبرزها:
- عمران: 6 حالات
- صعدة والجوف: 5 حالات لكل منهما
- صنعاء: 4 حالات
- وحالات متفرقة في ذمار، المحويت، ريمة، حجة، وإب
ووفق تقارير المنظمة، يُعد هذا التفشي الأكبر من نوعه في اليمن منذ سنوات، ويُظهر أن الفيروس لا يزال ينتشر في مجتمعات يعيش فيها ما يقارب 80% من السكان في مناطق نائية أو متضررة من الحرب، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
اليمن تتفوق على السودان وجيبوتي: لكن ليس بالطريقة التي نتمناها
في مقارنة صادمة، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن اليمن أصبحت الدولة رقم واحد في إقليم شرق المتوسط من حيث عدد حالات شلل الأطفال المسجلة هذا العام، متجاوزةً السودان (حالتان) وجيبوتي (حالة واحدة)، رغم أن هذه الدول تعاني هي الأخرى من أزمات إنسانية عميقة.
"هذا ليس تفوقًا نفتخر به، بل كارثة إنسانية نحاول منعها"، قال مسؤول صحي في مكتب منظمة الصحة باليمن، مضيفًا: "كل حالة شلل هي فشل في نظام صحي كان يجب أن يحمي هذا الطفل".
التحديات تتفاقم: من الحرب إلى العزلة الصحية
تشير التقارير إلى أن أكثر من 12 مليون طفل يمني دون سن الخامسة يحتاجون إلى تدخلات صحية عاجلة، لكن حملات التحصين تواجه عوائق جسيمة، منها:
- انعدام الأمن في مناطق النزاع
- تدمير المراكز الصحية
- نقص الكوادر الطبية
- ضعف التمويل وتأخر وصول المساعدات
وأكدت المنظمة أن نسبة التحصين ضد شلل الأطفال في بعض المناطق لا تتجاوز 40%، وهو رقم بعيد جدًا عن الحد الأدنى المطلوب (95%) للوصول إلى مناعة جماعية توقف انتشار الفيروس.
تحذير عالمي: التوسع ممكن في أي لحظة
حذرت منظمة الصحة من أن عدم احتواء الفيروس الآن قد يؤدي إلى تفشي أوسع، لا سيما مع تزايد حركة النازحين وازدحام المخيمات، ما يخلق بيئة خصبة لانتقال الفيروس عبر المياه الملوثة أو نقص النظافة.
ودعت المنظمة جميع الأطراف المحلية والدولية إلى تكثيف حملات التحصين الطارئة، وتعزيز أنظمة المراقبة الوبائية، وتوفير التمويل العاجل لدعم الفرق الصحية في الميدان.
"نحن لا نحارب فيروسًا فقط، بل نحارب الإهمال، والحرب، والفقر"، قال أحد مسؤولي المنظمة. "الطفل الذي أُصيب بالشلل لم يُولد في حرب، لكنه سيعيش بعاهة بسببها".
رغم الصعوبات، تواصل منظمة الصحة واليونيسيف وشركاؤها تنفيذ حملات تطعيم محدودة، لكنها تؤكد أن هذه الجهود تبقى غير كافية بدون استجابة دولية مكثفة وآمنة ومستدامة.