الأحد 14 سبتمبر 2025 09:59 مـ 22 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”الحوثيون يُحوّلون مستشفى شهيراً إلى مقبرة للأطفال؟”

الأحد 14 سبتمبر 2025 11:07 مـ 22 ربيع أول 1447 هـ
أرشيفية
أرشيفية

شهدت مدينة صنعاء، اليوم، مأساة إنسانية جديدة أثارت صدمة واسعة بين السكان، بعد وفاة طفل رضيع لم يتجاوز خمسة أشهر من عمره، جراء خطأ طبي فادح خلال عملية جراحية في مستشفى "سيبلاس"، الذي يخضع لإدارة مليشيا الحوثي الإرهابية، ويُعدّ أحد أبرز المستشفيات المتخصصة في المدينة.

216.73.216.105

ووفق مصادر طبية موثوقة نقلتها وكالة "2 ديسمبر"، فإن الطفل، الذي كان يعاني من عيب خلقي نادر يتمثل في "الشفة الأرنبية"، تم إدخاله إلى قسم الجراحة التجميلية بالمستشفى لإجراء عملية تصحيحية، لكنه توفي فور انتهاء الإجراءات الطبية، بعد أن تلقى جرعة زائدة من المخدر العام، دون أن يُؤخذ في الاعتبار تشخيصه السابق بإصابته بـ"ثقب في الحاجز البطيني للقلب" — وهو حالة طبية تتطلب بروتوكولات خاصة ورقابة دقيقة قبل أي تدخل جراحي.

وأكدت المصادر أن الفريق الطبي المشرف على العملية لم يُجري فحوصات مكتملة أو استشارات متخصصة، رغم توفر سجلات طبية سابقة تشير إلى وجود العيب القلبي، مشيرة إلى أن المستشفى يفتقر حتى لأبسط معدات الرصد الحيوي، وأن الكوادر الطبية تعاني من نقص حاد في التجهيزات والأدوية الأساسية، ما يجعل أي تدخل جراحي مغامرة محفوفة بالمخاطر.

وأضافت المصادر أن هذه الحادثة ليست أولى، بل هي جزء من نمط متكرر من الإهمال المنهجي الذي يُمارس داخل المستشفى منذ استيلاء القيادي الحوثي يحيى المرتضى على إدارته عام 2021. وقد أدّى ذلك إلى هروب عشرات الأطباء والجراحين المؤهلين، خصوصًا في تخصصات الجراحة التجميلية والقلب والأطفال، الذين فضّلوا مغادرة المدينة أو العمل في مناطق سيطرة الحكومة أو في الخارج، تجنّبًا للخطر ورفضًا للانحطاط المؤسسي.

وبعد إعلان وفاة الطفل، اندلعت احتجاجات غاضبة أمام مدخل المستشفى، حيث طوق العشرات من أهالي الطفل وأقاربهم المبنى، مطالبين بمحاسبة المسؤولين وتسليم الجناة للعدالة. وحمل المحتجون لافتات كتب عليها: "طفلي قُتل بدم بارد.. من يحاسب؟"، وهددوا باقتحام المستشفى إذا لم تُقدَّم لهم إجابات واضحة خلال ساعات.

وأفاد شهود عيان بأن الطبيب الجراح المسؤول عن العملية، والذي يُعرف باسم "د. س. م."، قد توارى عن الأنظار فور حدوث الكارثة، ولم يظهر في المستشفى منذ صباح اليوم، فيما تتحدث شائعات عن تهريبه خارج المدينة بدعم من شبكة أمنية مرتبطة بالمليشيا.

وتعكس هذه الجريمة، وفق خبراء طبيين وحقوقيين، الانهيار الكارثي الذي أصاب القطاع الصحي في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث تحولت المستشفيات — التي كانت يومًا رموزًا للرعاية الصحية — إلى مراكز لإدارة الفوضى والفساد الممنهج، تخضع لسلطة غير طبية، وتُدار وفق معايير سياسية وأمنية لا علاقة لها بالعلم أو الأخلاق المهنية.

وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 70% من المستشفيات في شمال اليمن تفتقر إلى خدمات أساسية، وأن معدل وفيات الأطفال دون الخامسة ارتفع بنسبة 40% منذ بدء الحرب، مع تراجع حاد في عدد الأطباء المؤهلين، وانهيار نظام التأمين الصحي، وتحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة للسيطرة السياسية.

ومنذ استيلاء الحوثيين على مؤسسات الدولة، أصبحت المستشفيات مسرحًا للفساد المالي والإداري، حيث تُستنزف الموارد، وتُباع الأدوية في السوق السوداء، وتُوظّف الكوادر الطبية كأدوات للولاء السياسي، وليس كمرفق عام للإنقاذ.

وطالبت منظمات حقوقية محلية ودولية، في بيان مشترك، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوضع آلية رقابية مستقلة على المستشفيات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مشددة على أن "الصحة حق إنساني أساسي لا يُمكن التفاوض عليه، ولا يجوز أن تكون ضحية للصراعات السياسية".

وحتى الآن، لم تصدر أي تصريحات رسمية من قبل مليشيا الحوثي حول الحادثة، بينما يواصل أهالي الطفل الاحتجاج أمام بوابة المستشفى، مطالبين بتحقيق دولي ومحاكمة علنية، متسائلين: "متى يصبح دم طفلٍ رضيعٍ كافيًا ليُسمع صوت العدالة؟"