الإثنين 15 سبتمبر 2025 10:54 مـ 23 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”4 سيناريوهات مصيرية للريال اليمني… واحد منها قد يعيد الكارثة!”

الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 12:00 صـ 24 ربيع أول 1447 هـ
تعبيرية
تعبيرية

في ظل هدوء نسبي يشهده سعر صرف الريال اليمني بعد موجات متتالية من الانهيار، يقف الاقتصاد اليمني اليوم على مفترق طرق حاسم، حيث يهدد هشاشة التعافي المفاجئ تراكم التحديات الهيكلية والسياسية والأمنية. وفي تحليل معمق، يضع الخبير الاقتصادي اليمني المعروف وحيد الفودعي أربعة سيناريوهات محتملة لمسار العملة الوطنية خلال الفترة القادمة، مصحوبة بتوصيات استراتيجية عاجلة موجهة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، بهدف تحويل التعافي التكتيكي إلى استقرار استراتيجي دائم.

التعافي المفاجئ: نعمة مؤقتة أم بداية استقرار؟

216.73.216.105

بعد أن لامس سعر صرف الريال اليمني مستويات قياسية تجاوزت 2700 ريال للدولار الأمريكي في ذروة الأزمة، شهدت العملة الوطنية في الأشهر الأخيرة تحسنًا غير متوقع، ليستقر سعر الصرف مقابل الريال السعودي – المعيار المتداول في مناطق الحكومة الشرعية – عند مستويات تتراوح بين 425 إلى 428 ريالًا يمنيًا. ويُرجع خبراء هذا التعافي إلى تضافر عوامل داخلية وخارجية، أبرزها: تدخلات البنك المركزي اليمني، وتشديد الرقابة على شركات الصرافة، واستمرار الدعم المالي من دول التحالف، فضلًا عن تراجع حدة التصعيد العسكري في بعض الجبهات.

لكن الفودعي يحذر من أن هذا التعافي "لا يزال هشًا"، ويؤكد أن استمراره مرهون بقدرة الحكومة على اتخاذ قرارات صعبة وتنفيذ إصلاحات جذرية، وليس فقط الاعتماد على الإجراءات المؤقتة أو الدعم الخارجي العابر.

أربعة سيناريوهات لمستقبل الريال اليمني

السيناريو الأول: الاستقرار النسبي (الأكثر ترجيحًا على المدى القريب)

يرى الفودعي أن هذا السيناريو هو الأرجح خلال الأشهر القليلة المقبلة، بشرط استمرار التنسيق الفعّال بين البنك المركزي اليمني والحكومة الشرعية، واستمرار تطبيق الإجراءات الرقابية الصارمة على شركات الصرافة والمضاربين. وفي هذا المسار، سيظل سعر الصرف محصورًا في نطاق ضيق (425-428 ريالًا سعوديًا)، ما يمنح الاقتصاد هامشًا للتنفس، ويسمح للحكومة بترتيب أولوياتها الإصلاحية.

السيناريو الثاني: التحسن الإضافي (الأقل احتمالًا)

هذا السيناريو المتفائل يتطلب توفر شروط صعبة، أهمها: استئناف تصدير النفط والغاز – وهو ما يرتبط بتحسن الوضع الأمني وتوحيد المؤسسات – وحصول اليمن على دعم خارجي كبير على شكل ودائع في البنك المركزي أو منح مباشرة. في هذه الحالة، قد ينخفض سعر الصرف إلى ما دون 400 ريال سعودي، لكن الفودعي يشدد على أن تحقيق هذا السيناريو "مستحيل بدون استقرار سياسي وأمني شامل".

السيناريو الثالث: التراجع التدريجي (محتمل على المدى البعيد)

يحمل هذا السيناريو تحذيرًا صريحًا: فغياب الإصلاحات الهيكلية أو تراجع الدعم الخارجي قد يؤدي إلى تآكل تدريجي للمكاسب الحالية. وفي هذا المسار، قد يعاود سعر الصرف الارتفاع ليصل إلى 500 أو حتى 600 ريال سعودي خلال العامين القادمين، ما يعني عودة الضغوط التضخمية وتفاقم الأزمة المعيشية.

السيناريو الرابع: الانتكاسة الحادة (الأسوأ)

هو السيناريو الكارثي الذي ينذر بعودة الأزمة إلى ذروتها. ويتمثل في وقوع صدمة كبرى، مثل تصعيد عسكري مفاجئ، أو توقف الدعم الخارجي، أو انهيار مؤسسات الدولة المالية. في هذه الحالة، قد يعاود الريال الانهيار إلى مستويات 700-800 ريال سعودي، ما يعني عودة الكارثة الاقتصادية وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين.

وصفة إنقاذ: 5 توصيات حاسمة لصناع القرار

لتفادي السيناريوهات السلبية والحفاظ على المكاسب، يقدم الفودعي حزمة من التوصيات الاستراتيجية:

  1. مأسسة الإجراءات الرقابية:
    تحويل التدابير الطارئة التي اتخذها البنك المركزي ضد شركات الصرافة إلى سياسات دائمة وقانونية، مع تفعيل عقوبات رادعة ضد المخالفين، بما في ذلك إغلاق الشركات المخالفة ومصادرة أصولها.

  2. تعزيز الاحتياطيات الأجنبية:
    التركيز على استئناف تصدير النفط والغاز كأولوية قصوى، والسعي للحصول على ودائع خارجية في البنك المركزي، وتفعيل الشراكات مع المؤسسات المالية الدولية لسد العجز في العملة الصعبة.

  3. إصلاحات اقتصادية هيكلية:
    كبح جماح الإنفاق غير الضروري، وتحسين كفاءة التحصيل الضريبي، وتشجيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة، لتقليل الاعتماد على الواردات وخلق فرص عمل.

  4. التنسيق الدولي وتحييد "الحرب الاقتصادية":
    تكثيف التواصل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات والولايات المتحدة، وممارسة ضغوط دولية على جماعة الحوثي لوقف استخدام العملة كسلاح اقتصادي، عبر طباعة عملات مزورة أو فرض سياسات مالية موازية.

  5. معالجة الآثار الاجتماعية:
    وضع سياسات حماية اجتماعية ذكية، تشمل رفع جزئي للرواتب في القطاع العام، وتقديم دعم نقدي مباشر للأسر الأكثر تضررًا، خاصة تلك المعتمدة على تحويلات المغتربين التي تراجعت قيمتها بسبب تحسن سعر الصرف.

ختامًا: التعافي التكتيكي يحتاج إلى استراتيجية وطنية

يؤكد الفودعي في ختام تحليله أن "التعافي الحالي للريال اليمني، وإن كان إنجازًا يستحق الإشادة، إلا أنه يظل مؤقتًا وهشًا". ويضيف: "لا يمكن البناء على هذا التعافي دون تحويله إلى مشروع وطني شامل يعتمد على الشفافية، والمحاسبة، والإصلاحات الجذرية، وليس فقط على ضبط السوق أو الانتظار لدعم خارجي".

ويختتم قائلًا: "الوقت ليس في صالحنا. فكل يوم تأخير في الإصلاح هو خطوة نحو الانتكاسة. وعلى الحكومة أن تدرك: أنقذوا الريال اليوم، أو ستدفعون ثمنًا باهظًا غدًا".

موضوعات متعلقة