”فضيحة تعز المالية تُشعل غضب المودعين: اختلاس ملايين الريالات من صندوق التوفير ببريد المغتربين”
في واحدة من أخطر فضائح الفساد المالي التي هزّت مؤسسات الدولة في السنوات الأخيرة، انكشفت قضية اختلاس ضخمة طالت أموال المودعين في محافظة تعز، لتُلقي الضوء على ثغرات أمنية وإدارية خطيرة داخل الهيئة العامة للبريد.
القضية تدور حول عبدالباسط الشرعبي، موظف سابق في مكتب بريد المغتربين بتعز، الذي اتُهم باختلاس ملايين الريالات اليمنية من حسابات مودعين وضعوا ثقتهم في البريد كوسيلة آمنة لحفظ مدخراتهم. لكن تلك الثقة سُرقت، ليس فقط بالأرقام، بل بالتواطؤ والغطاء الإداري.
العقل المدبّر واليد المنفّذة
بحسب تحقيقات أولية أجرتها الجهات الرقابية، فإن الشرعبي لم يكن وحده في هذه الجريمة. فقد استغل تسهيلات غير قانونية قدّمها له فوزي العريقي، مدير بريد الحوبان السابق، الذي يُعتقد أنه كان "العقل المدبّر" خلف العملية.
العريقي، الذي يمتلك تحكمًا فنيًّا بنظام الشبكة الداخلية للبريد، قام برفع سقوف دفاتر التوفير بشكل غير مشروع، ما منح الشرعبي حرية التصرّف في أموال المودعين دون رقابة أو محاسبة—تجاوزٌ صارخ لكل الأنظمة المالية والمحاسبية.
المتضررون ينتفضون.. والهيئة تتحرّك
عشرات المواطنين المتضررين، معظمهم من عائلات مغتربين يعتمدون على البريد كوسيلة وحيدة لتحويل مدخراتهم، تقدّموا بشكاوى رسمية إلى فرع الهيئة العامة للبريد في تعز. وبناءً على هذه الشكاوى:
- أُلزم الشرعبي بإعادة الأموال المختلسة.
- أُحيل رسميًّا إلى نيابة الأموال العامة.
- فتح تحقيق موسع، ثم إحالة القضية إلى محكمة الأموال العامة لاستكمال الإجراءات القانونية.
- تم استبعاده فورًا من وظيفته في مكتب بريد المغتربين.
سابقة جنائية لا تُخفى
ما يزيد من خطورة القضية أن الشرعبي ليس غريبًا عن السجون. إذ سبق أن أمضى نحو عامين في السجن المركزي بتعز على ذمة قضايا مشابهة تتعلق بالاختلاس والتلاعب بحسابات المودعين—ما يطرح تساؤلات جوهرية حول آليات التوظيف والمراقبة داخل المؤسسات الخدمية.
العريقي: تقاعد أم هروب؟
رغم إحالته للتقاعد قبل عامين، فإن شهادات موظفين داخل الفرع تؤكد أن العريقي كان معروفًا بممارساته المشبوهة، من بينها:
- ترويج الأكاذيب.
- تلفيق الاتهامات لزملائه.
- التستر على مخالفات مالية متكررة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن اختلاسات أخرى قد تكون لا تزال مخفية نتيجة هذا التستر الممنهج، وأن العريقي، رغم تقاعده، لا يزال مطلوبًا للتحقيق في قضايا فساد إضافية.
خارج نطاق الشرعية؟
الأمر لا يتوقف عند حدود الفساد المالي. فمصادر رسمية أكدت أن العريقي لم يعد يعمل ضمن الهيكل الشرعي للحكومة منذ بداية الحرب، ما يعني أن كل الإجراءات التي اتخذها—بما فيها تلك المتعلقة بصرف المستحقات والنفقات المعتمدة لفرع البريد بتعز—تفتقر لأي غطاء قانوني.
انهيار الثقة.. ونداء للإصلاح
هذه الفضيحة ليست مجرد اختلاس مالي، بل ضربة قاصمة لثقة المواطنين في المؤسسات الخدمية، خاصة في قطاع حساس كالبريد الذي يُفترض أن يكون درعًا للأمان المالي للمواطنين، لا بابًا للسطو والنهب.
"كيف نضمن أن مدخراتنا لن تُسرق غدًا؟"
سؤال يطرحه اليوم عشرات المودعين في تعز، بعد أن أصبحت أرصدتهم عرضة للعبث من قبل من فقدوا أدنى معاني الأمانة والمهنية.













