”سفير اليمن في لندن يطلق صرخة: تعز تشهد ‘انقلابًا أخلاقيًا’… والضحية امرأة!”

في تصريح حاد ومُوسّع، علّق الدكتور ياسين سعيد نعمان، سفير الجمهورية اليمنية لدى المملكة المتحدة، على جريمة اغتيال الأستاذة "افتهان المشهري"، مدير عام صندوق النظافة والتحسين في مدينة تعز، واصفًا إياها بـ"الكارثة الأخلاقية غير المسبوقة" التي تهدد الهوية الحضارية للمدينة وتُنذر بانهيار قيمي خطير.
216.73.216.103
وقال السفير نعمان في بيان صحفي صادر اليوم:
"كنا بالأمس نقف بقوة أمام المجتمع الدولي ونحن نتحدث عما تتعرض له المرأة اليمنية من قمع واعتقال وتشهير من قبل جماعة الحوثي، ونستشهد بكثير من الحالات التي تعرضت لها نساء اليمن للسجن والتعذيب والأذى الجسدي والنفسي، مطالبين بإدانة هذا السلوك الدخيل على القيم اليمنية وحقوق الإنسان الذي جاء مع الحوثي، وفي الصدارة منها حقوق المرأة".
وأضاف السفير، معبّرًا عن صدمته وحزنه العميق:
"تُرى كيف سنفسر ما حدث اليوم في مدينة تعز من كارثة أخلاقية، بكل معنى الكلمة، لم يشهد اليمن لها مثيلًا في تاريخه القريب؟!".
ووصف الجريمة بأنها ليست مجرد حادثة إجرامية، بل "انقلاب أخلاقي جذري"، مشيرًا إلى أن تعز، المدينة التي طالما كانت رمزًا للحضارة والتنوير والمقاومة السلمية، أصبحت اليوم مسرحًا لجريمة تُهدد جوهر قيمها الإنسانية والوطنية.
وأردف:
"اغتيال 'افتهان المشهري' إنقلاب أخلاقي جذري، تم في مدينة طالما تطلع إليها اليمنيون كمركز حضاري ظل يعيد تشكيل الإنسان بقواعد الحب والمدنية، واحترام حقوق الإنسان، والدفاع عن كرامته، وتقدير مكانة المرأة كأهم عنصر في منظومة القيم التي شكلت على الدوام العنصر الجامع لأبناء هذه المدينة، والتي لطالما أفردت لهم مكانة مميزة في كل بقعة في اليمن".
وأكد نعمان أن الجريمة لا تمسّ الضحية فقط، بل تستهدف رمزًا من رموز المدنية والعمل العام النسائي في اليمن، وهي امرأة اختارت أن تخدم مدينتها بصمت وكفاءة، بعيدًا عن الصخب السياسي، ما يجعل استهدافها رسالة مُرعبة لكل من يحمل قلمًا أو رأيًا أو موقفًا إنسانيًا.
وحذّر السفير من تداعيات الجريمة على مستقبل تعز واليمن ككل، قائلاً:
"لا شك أن هذه حادثة خطيرة لها ما بعدها، فإما أن تكون مقدمة لتدهور قيمي لن يتوقف إلا بإغراق هذه المدينة التاريخية — ومعها تعز بأكملها — في مستنقع الفوضى، وإما أن تكون علامة فارقة بين زمنين: الماضي منهما زمن غريب لا يليق بهذه المدينة، والقادم منهما زمن الانضباط، واستعادة المدينة التي كان يركض فيها الوطن مزهوًا بقيم المدنية والمحبة والسلام، ومقاومة الظلم وظلامية التحريض على قتل المختلف صاحب الرأي أيًا كان اسمه وعنوانه".
وفي ختام تصريحه، وجّه نعمان تحذيرًا صريحًا من محاولات استغلال مثل هذه الجرائم لتفجير الوضع في تعز، وقال:
"نحذر في نهاية حديثنا من أي اختراق حوثي يشعل مثل هذه الفوضى في معركة يستخدم فيها كل الأوراق، فالمدينة لا تحتمل المزيد من التمزق، والمجتمع لا يحتمل المزيد من التخويف، والدولة — إن وُجدت — مطالبة بالتحرك الفوري لضبط الأمن، وكشف الجناة، ومنع أي محاولة لتحويل تعز إلى ساحة صراعات جانبية تخدم أجندات خارجية أو داخلية هدفها تفتيت ما تبقى من نسيجها المجتمعي".
يُذكر أن "افتهان المشهري" كانت من الشخصيات النسائية البارزة في تعز، وقد اشتهرت بتفانيها في العمل العام، وحرصها على تحسين الخدمات البلدية، وسط تقدير واسع من أهالي المدينة، ما جعل اغتيالها يُثير موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، ودعوات مُلحة للسلطات المحلية والدولية للتحقيق في الجريمة وتقديم الجناة للعدالة.
وتُعد هذه الجريمة الأحدث في سلسلة استهدافات طالت ناشطات وقيادات نسائية في مناطق متعددة من اليمن، ما يُنذر بتصاعد خطير في حملات الترهيب ضد المرأة العاملة في المجال العام، سواء من جماعات مسلحة أو أطراف غير مُعلنة تستهدف إسكات الأصوات المدنية والإنسانية.