السبت 27 سبتمبر 2025 10:45 مـ 5 ربيع آخر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”من خدعة صديقة إلى انتحار مأساوي: كيف دُمّرت فتاة في الحديدة؟”

الأحد 28 سبتمبر 2025 12:00 صـ 6 ربيع آخر 1447 هـ
الحديدة
الحديدة

أثارت واقعة انتحار فتاة شابة في منطقة الهارونية بمديرية المنيرة بمحافظة الحديدة، موجة غضب واستنكار واسعة في أوساط المجتمع المحلي، بعد تأكيد مصادر محلية أن الضحية أقدمت على إنهاء حياتها إثر تعرضها لعملية ابتزاز منظمة باستخدام صور خاصة بها.

216.73.216.165

وبحسب روايات شهود عيان ومصادر مطلعة، فإن الفتاة — التي لم يُكشف عن هويتها حفاظًا على خصوصيتها — وقعت ضحية خدعة مُحكمة نسجها شاب يُدعى "يوسف دوم"، حيث استغل علاقته بصديقتها المقرّبة لدفع الأخيرة إلى التلاعب بالضحية وتصويرها دون علمها أو موافقتها.

وبعد حصوله على الصور، بدأ "دوم" بابتزاز الفتاة، مهدّدًا بنشرها ما لم تستجب لمطالبه، ما أدى إلى انهيار نفسي حاد دفعها في النهاية إلى الانتحار هروبًا من واقعٍ لم تعد تتحمّله.

وأكدت المصادر أن الضغط النفسي الهائل الذي عاشته الفتاة، جرّاء التهديد بالفضيحة في مجتمع محافظ، بالإضافة إلى غياب أي مسار قانوني أو اجتماعي يحميها، كان العامل الحاسم في قرارها المأساوي. ولفتت إلى أن الأسرة اكتشفت الحادثة متأخرة، بعد أن كانت الفتاة قد أنهت حياتها في ظروف لا تزال غامضة.

الواقعة أثارت موجة استنكار واسعة بين أهالي المنطقة ونشطاء حقوق الإنسان، الذين طالبوا بفتح تحقيق عاجل وشفاف لكشف ملابسات الجريمة، وتقديم مرتكب الابتزاز للعدالة.

ورأى مراقبون أن هذه الحادثة ليست فردية، بل تندرج ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، حيث يسود مناخ من الإفلات من العقاب، وغياب آليات الحماية القانونية والاجتماعية.

وقال أحد الناشطين الحقوقيين في الحديدة: "ما حدث ليس مجرد جريمة ابتزاز، بل جريمة قتل معنوي أدت إلى الموت الفعلي. وعلى السلطات الحوثية، إن كانت تدّعي تمثيل القانون، أن تتحرك فورًا لمحاسبة الجناة، لا أن تكتفي بالصمت والتغطية".

إلى الآن، لم تصدر أي جهة رسمية في مناطق سيطرة الحوثيين — لا وزارة الداخلية ولا النيابة العامة — أي بيان أو تعليق حول الحادثة، ما يعزّز الاتهامات بوجود سياسة تعتيم ممنهجة على قضايا العنف والابتزاز ضد النساء. كما يسود مناخ من الخوف والترهيب في المنطقة، يحول دون الإفصاح الكامل عن تفاصيل الجريمة أو التضامن العلني مع الضحية وعائلتها.

وتُعدّ حوادث الابتزاز الجنسي ونشر الصور الخاصة من الظواهر المتزايدة في مناطق النزاع، حيث يستغل المجرمون غياب الأمن والرقابة، وضعف التشريعات، وانهيار البنية الاجتماعية، لارتكاب جرائمهم بحق الفتيات والنساء دون رادع.

وتشير تقارير حقوقية سابقة إلى أن العشرات من النساء في مناطق الحوثيين تعرضن لمصير مشابه، إما بالانتحار أو بالعزلة الاجتماعية القسرية، في ظل غياب كامل لآليات الدعم النفسي أو الحماية القانونية.

وفي ظل استمرار الصمت الرسمي، يبقى مصير "يوسف دوم" وشريكته غامضًا، فيما تبقى دماء الفتاة الشابة شاهدًا صامتًا على فشل منظومة الحماية المجتمعية والقانونية، ودعوة ملحة للتحرك قبل أن تتحول هذه الجرائم إلى سلوك مألوف لا يُعاقب عليه.