منفذ جولة القصر بتعز يشهد تصعيدًا حوثيًا غير مسبوق ضد السيارات الأمريكية.. منعٌ تعسفي يُربك حركة المواطنين ويُهدد حرية التنقل

شهد منفذ جولة القصر، البوابة الشرقية لمدينة تعز الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، تصعيدًا أمنيًا غير مسبوق استهدف بشكل مباشر السيارات الأمريكية الصنع أو تلك التي يُشتبه في ارتباطها بالولايات المتحدة، في خطوة أثارت موجة غضب واسعة بين السكان وعطلت حركة التنقّل اليومية بين أحياء المدينة ومناطقها الشرقية.
216.73.216.165
وبحسب شهود عيان ومصادر محلية، فرضت النقطة الأمنية التابعة للمليشيا حظرًا شبه كامل على مرور أي مركبة يُعتقد أنها أمريكية الأصل، دون وجود معايير واضحة أو إجراءات رسمية تُحدد طبيعة هذا الحظر، ما دفع المئات من المواطنين إلى العودة أدراجهم بعد ساعات من الانتظار والتفتيش، في ظل مشادات كلامية متكررة وتوتر متصاعد بين السائقين وعناصر المليشيا.
وأكدت المصادر أن عناصر النقطة يقومون بعمليات تفتيش مكثفة لكل السيارات العابرة، لكنهم يفتقرون إلى القدرة على التمييز الدقيق بين السيارات الأمريكية الصنع مباشرة، وتلك التي تم استيرادها عبر موانئ أمريكية كوجهة شحن ثانوية، أو حتى السيارات التي تحمل علامات تجارية عالمية قد تكون مملوكة لشركات أمريكية دون أن تكون مصنوعة في الولايات المتحدة. هذا الالتباس الفني يُعقّد الإجراءات ويُربك السائقين، ويجعل من كل محاولة للعبور مغامرة غير مضمونة النتائج.
وأشار مواطنون تحدثوا لمراسلنا إلى أن المليشيا تفرض شروطًا تعسفية وغير معلنة، حيث يتم مصادرة السيارات التي يُشتبه في "أمريكيتها" حتى لو كانت قد سدّدت جميع الرسوم الجمركية المطلوبة، بل وقد تُحتجز لأسابيع دون مبرر قانوني. ولفتوا إلى أن بعض السيارات الأوروبية لا تسلم من هذه الممارسات، إذ يُعامل بعضها معاملة مشابهة إذا اشتبه عناصر النقطة في ارتباطها بأي شكل بالسوق الأمريكية، ما يضاعف حالة الغموض ويُعمّق الاستياء الشعبي.
وفي سياق ذي صلة، كشفت مصادر تعمل في مصلحة الجمارك بمنطقة الحوبان – الخاضعة أيضًا لسيطرة الحوثيين – أن هذه الإجراءات تأتي تنفيذًا لقرار داخلي صادر عن سلطات المليشيا بمقاطعة البضائع الأمريكية، لكن سوء فهم العناصر الميدانيين للتفاصيل الفنية المتعلقة ببلد المنشأ، وخلطهم بين مفاهيم "الشحن من ميناء أمريكي" و"التصنيع في أمريكا"، يخلق إشكاليات يومية تهدد حرية الحركة ويُعرقل الحياة المدنية.
ويُعد منفذ جولة القصر أحد أهم المعابر البرية التي تربط أحياء تعز الشرقية بمناطق سيطرة الجماعة، ويستخدمه آلاف المواطنين يوميًا لأغراض العمل، والعلاج، والتجارة. ويشير مراقبون إلى أن هذه السياسات الحوثية لا تُطبّق في منافذ أخرى تربط مناطق سيطرة المليشيا بمناطق الحكومة الشرعية، ما يجعل سكان تعز ضحايا لإجراءات انتقائية تفتقر إلى أي مبرر منطقي أو قانوني، وتعكس – وفق تحليلات محلية – رغبة الجماعة في فرض سلطة رمزية أكثر منها عملية، على حساب مصالح المواطنين اليومية.
ويُحذّر ناشطون حقوقيون من أن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المدينة المحاصرة أصلاً من جهات متعددة، ويُعقّد من حركة التنقّل التي تعدّ من أبسط حقوق الإنسان، داعين إلى تدخل عاجل من الجهات المعنية لوقف ما وصفوه بـ"الابتزاز اليومي" الذي تمارسه المليشيا تحت غطاء سياسي لا يبرر انتهاكه لحقوق المدنيين.