”مخبأ سري، تكنولوجيا إيرانية، ومراقبة إسرائيلية: القصة الكاملة لاغتيال نصر الله”

كشفت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في تقرير استخباري موسّع صدر اليوم، عن معطيات سرّية تفصيلية تتعلّق باغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي قُتل في 27 سبتمبر 2024، إثر غارة جوية إسرائيلية مُحكمة استهدفت مركز قيادة محصّنًا في الضاحية الجنوبية لبيروت.
216.73.216.165
وبحسب التقرير، فإن نصر الله، الذي ظلّ لسنوات يُداري وجوده خلف جدران مخبأ سري شديد التحصين، كان لا يزال نشطًا في تخطيط وتنفيذ عمليات عدائية ضد إسرائيل حتى اللحظات الأخيرة من حياته. ولفت التقرير إلى أن الأمين العام لحزب الله لم يكن يدرك أنه بات الهدف التالي في سلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات بارزة في التنظيم خلال الأشهر السابقة، والتي شكّلت جزءًا من استراتيجية إسرائيلية أوسع لتفكيك البنية القيادية والعسكرية للحزب.
محاولات يائسة لإعادة بناء القدرات العسكرية
وأشار التقرير الاستخباري إلى أن نصر الله كان يقود جهودًا محمومة لإعادة بناء القدرات العسكرية لحزب الله بعد "هجوم البيجر" — في إشارة إلى عملية نوعية نفّذتها إسرائيل في وقت سابق من العام 2024، أسفرت عن تدمير جزء كبير من الترسانة الصاروخية للحزب وشبكات الاتصال والقيادة. غير أن هذه المحاولات، وفق المصادر الإسرائيلية، باءت بالفشل بسبب المراقبة الدقيقة والمستمرة التي فرضتها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على تحركات الحزب وأنشطته اللوجستية والتنظيمية.
معلومات استخباراتية جُمعت على مدار سنوات
وأكّد الجيش الإسرائيلي أن العملية التي أدت إلى اغتيال نصر الله لم تكن وليدة لحظة طارئة، بل كانت ثمرة جهد استخباري مكثّف استمر لسنوات، شمل تجميع معلومات دقيقة حول البنية التحتية لمركز القيادة، وموقعه الجغرافي، وطبيعة التحصينات التي بُني بها. ولفت التقرير إلى أن المركز كان قد شُيّد بتقنيات إيرانية متقدمة، وتمّ إخفاؤه بعناية فائقة حتى داخل الدوائر المغلقة لحزب الله، ما جعل من مهمّة تحديد موقعه تحديًا استخباريًا كبيرًا.
تفاصيل دقيقة للغارة القاتلة
وفي سياق كشفه عن تفاصيل الغارة، أوضح التقرير أن سلاح الجو الإسرائيلي نفّذ ضربة جوية دقيقة في ليلة 27 سبتمبر 2024، أسقط خلالها 83 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز خاص، صُمّمت خصيصًا لاختراق المنشآت تحت الأرض. وقد أدت هذه الضربة إلى تدمير كامل للمركز المحصّن، ومقتل حسن نصر الله إلى جانب عدد من أبرز قادة حزب الله العسكريين والاستراتيجيين، الذين كانوا يجتمعون داخل المخبأ لمناقشة خطط الرد على التصعيد الإسرائيلي.
تداعيات استراتيجية
ويُنظر إلى اغتيال نصر الله على أنه ضربة استراتيجية قاصمة لحزب الله، ليس فقط بسبب رحيل رمزه الكاريزمي ومهندس بنيته العسكرية، بل أيضًا بسبب الفراغ القيادي الذي قد يخلّفه في بنية التنظيم المعقدة. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الحزب سيواجه تحديات جسيمة في إعادة تنظيم صفوفه، لا سيما في ظل استمرار الضغط الاستخباري والعسكري الإسرائيلي، وانكشاف شبكاته اللوجستية والقيادية.
وتأتي هذه التطورات في سياق تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله، التي بلغت ذروتها خلال الأشهر الأخيرة، مع تبادل مكثّف للضربات الجوية والصاروخية على طول الحدود اللبنانية-الإسرائيلية. ويعتبر الكشف عن تفاصيل اغتيال نصر الله مؤشرًا على تصميم إسرائيل على تفكيك القدرات العدائية لحزب الله، وقطع خطوط الدعم الإيرانية التي طالما شكّلت العمود الفقري لقوته العسكرية.
ويُتوقع أن تُحدث هذه المعطيات الجديدة زلزالًا في المشهد الأمني والسياسي في لبنان والمنطقة، لا سيما في ظل غياب خليفة واضح لحسن نصر الله، وتصاعد المخاوف من فراغ أمني قد تستغله جهات إقليمية ودولية لتعزيز نفوذها في الساحة اللبنانية.