كيف غيّر دعم ترمب مستقبل الأرجنتين الاقتصادي في عهد ميلي؟

دعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحكومة خافيير ميلي في الأرجنتين شكّل نقطة تحول في المشهد الاقتصادي والسياسي للبلاد، خاصة في ظل الأزمة المالية الحادة التي تواجهها بوينس آيرس منذ تولي ميلي منصبه أواخر 2023. إليك تحليلًا صحفيًا مهنيًا لأبرز التغيرات:
216.73.216.165
دعم سياسي بغطاء اقتصادي
الرئيس ترمب أعلن استعداده لتقديم "كل ما يلزم" لدعم اقتصاد الأرجنتين، في خطوة اعتُبرت رهانًا سياسيًا على بقاء ميلي كحليف شعبوي في أميركا اللاتينية، ومواجهة النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة. هذا الدعم لم يكن ماليًا مباشرًا، بل شمل استعدادات لتقديم قروض للبنك المركزي الأرجنتيني، وشراء العملة المحلية، إضافة إلى شراء ديون الحكومة المقومة بالدولار عبر صندوق استقرار الخزانة الأميركي.
تحسن مؤشرات السوق
إعلان الدعم الأميركي أدى إلى ارتفاع أسعار السندات الأرجنتينية بالدولار، وانخفاض العوائد على سندات الحكومة الأميركية، كما ارتفع البيزو الأرجنتيني بنسبة 2% مقابل الدولار، ما عكس تفاؤلًا نسبيًا في الأسواق المالية.
رسائل سياسية متبادلة
ميلي وصف الدعم بأنه "غير مشروط"، وشكر ترمب ووزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، مؤكدًا أن "أولئك الذين يدافعون عن أفكار الحرية يجب أن يعملوا معًا من أجل رفاه شعوبنا". هذا الخطاب عزز صورة ميلي كحليف للتيار اليميني العالمي، وربط مستقبل الأرجنتين الاقتصادي بتحالفات سياسية خارجية.
تحديات مستمرة رغم الدعم
ورغم التحسن المؤقت، لا تزال الأرجنتين تواجه تحديات ضخمة، منها التزامات مالية بقيمة 10 مليارات دولار لصندوق النقد الدولي في النصف الأول من 2026، وانخفاض احتياطي العملات الأجنبية، وفضائح داخلية أثّرت على شعبية ميلي، مثل قضية فساد مرتبطة بشقيقته كارينا ميلي.
تعيش الأرجنتين واحدة من أعقد الأزمات الاقتصادية في تاريخها الحديث، وسط معدلات تضخم قياسية، وانكماش اقتصادي، وعجز مزمن في الميزانية، إلى جانب ارتفاع الدين العام وضعف الاحتياطيات من النقد الأجنبي. هذه الوضعية، بحسب خبير العلاقات الدولية والباحث في القانون العام حمدي أعمر حداد، خلقت حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، انعكست على شرعية النظام الحاكم وقدرة الرئيس خافيير ميلي على تنفيذ برنامجه الإصلاحي.
دعم أميركي مشروط ومؤقت
في ظل هذه الأزمة، برز الدعم الأميركي كعامل مساعد عبر خطوط تمويل وائتمان وإشارات قوية للأسواق، لكن حداد يؤكد أن هذا الدعم "ليس كافيًا لوحده"، بل يحتاج إلى استكماله بإصلاحات هيكلية وسياسات داخلية شجاعة. ويضيف أن الدعم يوفر نقاط قوة بارزة، منها التخفيف من أزمات السيولة الخارجية، واستعادة ثقة الأسواق والمستثمرين، وتخفيف الضغوط التضخمية مؤقتًا، لكنه لا يضمن الاستدامة المالية ولا يعالج جذور التضخم والفقر، وقد يثير تذمرًا شعبيًا إذا ارتبط بإصلاحات مؤلمة كتقليص الدعم أو رفع أسعار الخدمات.
فجوة بين الاحتياجات والحلول
ويشير حداد إلى أن الأرقام تبرز حجم الفجوة بين الاحتياجات الفعلية للأرجنتين وبين ما توفره الحزمة الحالية، خاصة في ظل التزامات مالية ضخمة لصندوق النقد الدولي، وتحديات تمويل العجز الداخلي. وعلى المدى القصير، يمكن للدعم الأميركي أن يمنح الاقتصاد الأرجنتيني نفَسًا مهمًا لوقف الانهيار وتثبيت العملة وتهدئة الأسواق، لكن على المدى المتوسط والطويل، تبقى التحديات بنيوية عميقة تتطلب إصلاحات جذرية، وتنمية الصادرات، وتحسين بيئة الاستثمار، وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية.
واشنطن تمد "جسرًا نحو الانتخابات"
في السياق ذاته، وصف تقرير لوكالة بلومبيرغ خطط الولايات المتحدة لتمديد خط مبادلة بقيمة 20 مليار دولار للأرجنتين، واستعدادها لشراء السندات الأجنبية للبلاد، بأنها "توفر الدعم المالي الذي يحتاجه الرئيس خافيير ميلي بشدة بينما يحاول استعادة ثقة المستثمرين ووقف انخفاض البيزو".
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن شروط الصفقة لا تزال قيد التفاوض، موضحًا أن التمويل يهدف إلى دعم ميلي قبل انتخابات التجديد النصفي الحاسمة في أكتوبر، وتعزيز موقف حليف أيديولوجي في منطقة لا يحظى فيها الرئيس دونالد ترمب بتأييد واسع في السلطة.
ووصف بيسنت المساعدات بأنها "جسر نحو الانتخابات"، في إشارة إلى تصويت 26 أكتوبر الذي يسعى فيه ميلي إلى تعزيز حضور حزبه الليبرالي في الكونغرس، وسط ضغوط مالية متزايدة بعد خسارة حزبه انتخابات إقليمية مهمة، دفعت المستثمرين إلى سحب أموالهم خشية تراجع الدعم السياسي لأجندته الإصلاحية.
تهديدات داخلية للتوازن المالي
وفي تطور لافت، تحرك مشرّعون في الكونغرس الأرجنتيني لإلغاء حق النقض الذي يتمتع به الرئيس على مشاريع قوانين الإنفاق، ما يُهدد التوازن المالي الذي يعتبره ميلي أحد أبرز إنجازاته. وفي ظل هذه التحديات، صرّح بيسنت بأن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم ائتمان احتياطي من صندوق استقرار سعر الصرف التابع لوزارة الخزانة، دون توضيح ما إذا كانت المبادلة والائتمان سيتم تفعيلهما معًا.
أقراأيضا:سباق المناخ.. تحديات الدول الأكثر تلويثاً في خفض الانبعاثات | المشهد اليمني