الصين تختبر مراكز بيانات تحت البحر لتوفير الطاقة والتغلب على التحديات البيئية

في خطوة جديدة نحو الابتكار في البنية التحتية الرقمية، تعمل شركة صينية على تطوير مشروع طموح لوضع مراكز بيانات تحت سطح البحر قبالة سواحل مدينة شنغهاي، في محاولة للحد من استهلاك الطاقة المرتفع والتعقيدات التشغيلية التي تواجهها مراكز البيانات التقليدية، خاصة مع تصاعد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية حول العالم.
مركز بيانات تحت الماء: مشروع ثوري قيد الإنشاء
216.73.216.81
يُعد المشروع، الذي يجري تنفيذه حاليًا على رصيف بحري بالقرب من شنغهاي، محاولة واعدة لإعادة تصور مستقبل استضافة البيانات، من خلال نقل عمليات المعالجة والتخزين إلى البيئة البحرية. ويجري العمل على تركيب "كبسولة صفراء ضخمة"، ستكون الأولى من نوعها ضمن سلسلة من الوحدات المخطط إنزالها تحت سطح الماء.
مزايا بيئية وتوفير في استهلاك الطاقة
بحسب تصريحات يانغ يي، أحد أعضاء شركة "هايلاندر للمعدات البحرية"، فإن العمليات تحت سطح الماء توفر مزايا جوهرية، مقارنة بمراكز البيانات التقليدية التي تستهلك كميات هائلة من الكهرباء لتبريد الخوادم. وأضاف أن “البيئة البحرية الباردة تقلل الحاجة إلى التبريد الصناعي بنسبة قد تصل إلى 90%، ما يؤدي إلى خفض التكاليف وتقليل الأثر الكربوني بشكل كبير”.
كما أشار إلى أن العمل في بيئة محكمة الإغلاق تحت الماء يمكن أن يقلل أيضًا من مخاطر الحرائق والانبعاثات، ما يجعل هذا النموذج خيارًا أكثر أمانًا واستدامة مقارنة بالمراكز التقليدية على اليابسة.
تحديات بيئية وإنشائية معقدة
رغم الفوائد المحتملة، فإن المشروع لا يخلو من الجدل والشكوك. فهناك تخوفات من تأثير المراكز الغاطسة على النظام البيئي البحري، خاصة إذا زادت درجات الحرارة المحلية أو تسربت مواد ضارة. وأكد يانغ يي أن الفريق البحثي لا يزال يدرس التأثيرات البيئية المحتملة بشكل دقيق، بما في ذلك كيفية تفاعل الحياة البحرية مع هذه "الهياكل الصناعية الجديدة".
ومن بين أبرز التحديات الهندسية التي تواجه المشروع: بناء قواعد آمنة ومُحكمة تحت سطح البحر، وضمان الصيانة الدورية، ومقاومة ضغط المياه العالي، خاصة في الأعماق الكبيرة. فالتكنولوجيا المطلوبة لإنشاء مراكز بيانات تحت الماء ما تزال في مراحلها الأولية، ما يجعلها مكلفة ومعقدة من ناحية التنفيذ.
تجارب عالمية سابقة
الجدير بالذكر أن شركة مايكروسوفت كانت من أوائل الشركات التي اختبرت هذا المفهوم عبر مشروع "ناتيك" (Project Natick)، والذي أطلق كبسولة بيانات تحت الماء قبالة سواحل اسكتلندا، وحققت نتائج واعدة، خاصة في ما يتعلق بكفاءة الطاقة.
وتسعى الصين إلى اللحاق بهذا الاتجاه العالمي وتطوير نسخة محلية أكثر توافقًا مع بيئتها البحرية وتحدياتها اللوجستية. وفي حال نجاح المشروع، فقد يُمثل نقلة نوعية في طريقة تصميم وتشغيل مراكز البيانات، ما يعزز كفاءة البنية الرقمية على المستوى العالمي.
هل يشكل المستقبل تحت الماء حلاً طويل الأمد؟
لا تزال التساؤلات قائمة حول جدوى مثل هذه المشاريع على المدى الطويل، خاصة في ما يتعلق بالصيانة، التوسعة، والحفاظ على البيئة، ولكن في ظل الطلب العالمي المتزايد على معالجة البيانات، ومع تصاعد القلق من الاحتباس الحراري وارتفاع تكاليف الكهرباء، يبدو أن مراكز البيانات تحت الماء تقدم نموذجًا واعدًا لحلول مبتكرة ومستدامة.
ويؤكد خبراء أن تبني مثل هذه التقنيات قد يعيد تشكيل خريطة مراكز البيانات عالميًا، ويفتح الباب أمام صناعات وتقنيات جديدة تدور حول العمل في البيئات البحرية.