تنافسٌ إعلاني حاد بين عمالقة مياه الشرب في صنعاء يعيد للأذهان عصر الصراعات التسويقية الشريفة

في مشهدٍ نادرٍ يعيد للأذهان ذكريات العصور الذهبية للمنافسة التسويقية في اليمن، شهدت العاصمة صنعاء خلال الأيام الماضية موجةً غير مسبوقة من التنافس الإعلاني بين شركتين رائدتين في قطاع مياه الشرب، ما أثار اهتمام الرأي العام ودفع المارة إلى التوقف أمام اللافتات العملاقة التي تحمل رسائل تسويقية ذكية وجريئة.
216.73.216.162
فقد أطلقت شركة "شملان"، التي تُعد من أقدم وأوسع شركات تعبئة المياه انتشارًا في اليمن، حملةً إعلانية ضخمة تمثّلت في نصب لافتات كبيرة في مواقع استراتيجية عبر شوارع العاصمة، تروّج لمياهها باعتبارها "المياه الأولى في اليمن"، في إشارةٍ واضحة إلى ريادتها التاريخية في السوق وثقة الجمهور بها على مدى عقود.
لكن المفاجأة جاءت سريعةً، إذ لم تلبث شركة "سام" الناشئة – والتي توصف بأنها "المنطلقة كالصاروخ نحو القمة" – أن ردّت على التحدي بأسلوبٍ ذكي وجريء، حيث نصبت لافتةً عملاقةً مباشرةً أمام إحدى لافتات "شملان" البارزة، كُتب عليها بخطٍ بارز: "الجودة لا تحتاج تاريخ"، في رسالةٍ ضمنية تشير إلى أن التفوق لا يقاس بالعمر أو الشهرة السابقة، بل بالمنتج الفعلي وجودته الملموسة اليوم.
وقد أثار هذا التبادل الإعلاني الذكي تفاعلاً واسعًا بين سكان صنعاء، خاصةً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسم المتابعون بين مؤيدٍ لرؤية "شملان" القائمة على الإرث والخبرة، وداعمٍ لنهج "سام" الذي يركّز على الجودة الحالية والابتكار، في ظل غياب أي هجوم شخصي أو تجريح بين الطرفين، ما جعل المنافسة تُصنّف على نطاق واسع بأنها "شريفة" ومحترمة.
ويُعيد هذا التنافس الذهنيات اليمنية إلى عقودٍ مضت، حين كانت الشركات الكبرى تتنافس بشرفٍ واحترافية لجذب الزبائن عبر الإعلانات الإبداعية والمنتجات المتميزة، لا عبر التقليل من المنافسين أو بث الشائعات. ويُنظر إلى هذه العودة كمؤشرٍ إيجابي على نضج السوق اليمني، حتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد.
ويُتوقع أن تستمر هذه "الحرب الباردة" بين الشركتين في الأسابيع القادمة، مع ترقبٍ لما قد تُطلِقُه كلٌ منهما من مبادراتٍ تسويقية جديدة، في سباقٍ لا يهدف فقط إلى كسب الحصة السوقية، بل أيضًا إلى رفع سقف الجودة والابتكار في قطاعٍ حيوي كمياه الشرب.