اختفاء السكر في صنعاء: الحوثيون يوقفون ”سكر السعيد” والتجار يحذرون من بديل إيراني (تقرير خاص)
		تشهد العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة مليشيا الحوثي أزمة حادة في مادة السكر، تزامنًا مع اختفاء مفاجئ للمنتج المحلي "سكر السعيد"، أحد أقدم وأشهر العلامات التجارية اليمنية، وسط تصاعد الشكوك حول توجه الجماعة نحو استيراد السكر من إيران، في خطوة تعيد إلى الأذهان نمطًا اقتصاديًا وسياسيًا سبق أن اتبعته المليشيا في قطاعات حيوية أخرى.
في وقت سابق، منعت مليشيا الحوثي استيراد الغاز المنزلي من مناطق الحكومة الشرعية، واستبدلته بمنتج إيراني عبر موانئ الحديدة، رغم ارتفاع سعره ورداءة جودته التي تختلف من ناقلة إلى أخرى وفق مصادر متعددة تحدثت لـ"المشهد اليمني".
واليوم، تتكرر الأزمة في قطاع السكر، مع توقف توزيع "سكر السعيد" دون إعلان رسمي، وطرح منتج جديد مجهول المصدر، وصفه تجار في صنعاء والحديدة تحدثوا لـ"المشهد اليمني" بأنه "رديء، داكن الحبيبات، ولا يخضع لأي رقابة دقيقة".
التجار أكدوا أن الكميات المطروحة من المنتج الجديد نفدت سريعًا، وأنهم أُجبروا على بيعه رغم تحفظاتهم، مشيرين إلى أن المواطنين اعتادوا على "سكر السعيد" كمصدر موثوق، وأن ما يجري يمثل تقويضًا متعمدًا للصناعات اليمنية، وربطًا للسوق المحلي بمصادر استيراد خاضعة لسيطرة الجماعة.
مصادر تجارية كشفت أن سعر كيس السكر زنة 50 كيلوغرامًا ارتفع من 19 ألف ريال إلى أكثر من 26 ألف ريال خلال أسبوع واحد فقط، بالتزامن مع اختفاء المنتج المحلي، وظهور بديل يتبع لتجار محسوبين على الجماعة. كما أكدت المصادر أن سلطات مليشيات الحوثيي عرقلت منح التصاريح الجمركية للشركة اليمنية لتكرير السكر "سكر السعيد"، ما أدى إلى توقف نشاطها في مناطق سيطرة الجماعة.
وفي ميناء الحديدة، أفادت مصادر لـ"المشهد اليمني" أن تاجرًا نافذًا مقربًا من قيادات حوثية استورد شحنة سكر تعرضت للرطوبة أثناء النقل والتخزين، وادعى أنها من البرازيل، لكن الفحوصات أظهرت أنها من منشأ هندي أو تايلاندي منخفض الجودة، ما يعزز الشكوك حول طبيعة الاستيراد في ظل غياب الشفافية.
وتفرض مليشيا الحوثي قيودًا على دخول المواد الغذائية من مناطق الحكومة الشرعية، وتجبر التجار على الاستيراد عبر موانئ الحديدة، وهو ما حدث مؤخرًا مع شحنات الدقيق، ما يفتح الباب أمام إدخال سكر إيراني أو من دول حليفة لطهران، وهي مخاوف عبّر عنها التجار الذين تحدثنا إليهم.
ووفق تقارير إيرانية سابقة، فإن إيران تنتج أكثر من 1.7 مليون طن من السكر سنويًا، وتحتل المرتبة 11 عالميًا في إنتاج الشمندر السكري، والمرتبة 21 في إنتاج قصب السكر، والمرتبة 18 في إنتاج السكر، ما يجعلها قادرة على تصدير الفائض، خاصة إلى حلفائها الإقليميين.
العلاقات التجارية بين الحوثيين وطهران قائمة فعليًا، وتشمل شحنات نفط وغاز ومواد غذائية، يتم تمريرها عبر موانئ الحديدة أو عبر وسطاء، ما يجعل الاعتماد على السكر الإيراني خيارًا سياسيًا واقتصاديًا للجماعة، في إطار سعيها الدؤوب لإحكام السيطرة على السوق الغذائي، وتهميش المنتج المحلي.
وقبل أشهر، شهدت الأسواق في صنعاء ومحافظات خاضعة لسيطرة الحوثيين انتشارًا متزايدًا لمنتجات غذائية إيرانية، شملت أنواعًا متعددة من الجبن والزبادي والقشطة والعصائر، وسط غياب واضح لرقابة الجودة وسلامة التخزين، ما أثار مخاوف من تأثيراتها الصحية على المستهلكين، ودفع المواطنين لمقاطتها.
استنادًا إلى السوابق التجارية والسياسية، والأنماط الاقتصادية التي تتبعها مليشيا الحوثي، فإن استيراد السكر من إيران عبر موانئ الحديدة لا يبدو مجرد احتمال، بل خيار مرجّح في ظل الأزمة الحالية، وتغييب البدائل المحلية، ووجود نية واضحة لإعادة تشكيل السوق الغذائي بما يخدم مصالح الجماعة.













