تمركز أمني حوثي لليوم الثاني في مقر منظمة دولية بالعاصمة
في تصعيد يثير مخاوف بالغة بشأن مستقبل العمل الإنساني في اليمن، واصلت ميليشيا الحوثي، لليلة ثانية على التوالي، تمركزها القسري داخل مقر منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية (MSF) في قلب العاصمة اليمنية صنعاء، في خطوة وُصفت بأنها "مخالفة صارخة للقوانين الدولية".
وجاء هذا التطور مصحوبًا بالإفراج عن خمسة من الموظفين اليمنيين، بعد احتجازهم وتعرضهم لتحقيقات أمنية مكثفة استمرت لأكثر من 24 ساعة.
تفاصيل الحصار والتمركز:
وكشف مصدر محلي مطلع أن عناصر تابعة للأمن القومي الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي، لا تزال تتمركز في جميع أنحاء مجمع المنظمة الواقع في الحي السياسي، والذي يعتبر من أكثر المناطق أمنًا في العاصمة.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أن وجود القوات الأمنية حال دون حركة الموظفين والمسؤولين في المنظمة، وأدى إلى تعطيل أنشطتها الإنسانية بشكل شبه كامل.
الإفراج المشروط والتحقيقات المكثفة:
على صعيد متصل، أعلن المصدر ذاته أن الميليشيا أفرجت، قبل قليل، عن خمسة موظفين يمنيين كانوا قد احتجزوا داخل المقر منذ صباح يوم الثلاثاء.
وأوضح أن الإفراج جاء بعد أن خضع الموظفون الخمسة لجلسات تحقيق مطولة ومكثفة استمرت طوال نهار أمس والأمسية، شملت استجوابات دقيقة حول طبيعة عملهم واتصالاتهم ومصادر تمويل المنظمة.
ولم يُعرف حتى الآن ما إذا كان الإفراج نهائيًا أم أنه جاء كجزء من إجراءات التحقيق التي قد تستمر مع موظفين آخرين.
سياق الحدث وتداعياته:
يأتي هذا الحصار والاحتجاز في سياق تصعيد متزايد من قبل سلطات الحوثي ضد المنظمات الدولية العاملة في اليمن، حيث تُتهم الجماعة بالسعي لوضع هذه المنظمات تحت سيطرتها المباشرة والتضييق على استقلاليتها.
وتُعد منظمة "أطباء بلا حدود" واحدة من أبرز المنظمات الإنسانية التي تقدم خدمات طبية وإنقاذية حيوية لملايين اليمنيين المتضررين من الحرب المستمرة منذ سنوات.
ويعتبر اقتحام مقر منظمة دولية محايدة واحتجاز موظفيها بمثابة خطورة بالغة على سلامة العاملين في المجال الإنساني، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة على تقديم المساعدات للسكان المدنيين الذين يعتمدون بشكل كامل على هذه المنظمات في البقاء على قيد الحياة.
صمت دولي ومطالبات بالتحرك:
وحتى الآن، لم تصدر أي جهة دولية أو إقليمية بيانًا رسميًا للتعليق على هذا الحدث الخطير. فيما تتزايد الدعوات من داخل اليمن للمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان للتدخل العاجل، وضمان سلامة طواقم "أطباء بلا حدود"، والضغط على جماعة الحوثي للانسحاب الفوري من مقر المنظمة ووقف كافة أشكال التضييق على عملها.
يذكر ان منظمة "أطباء بلا حدود" (Médecins Sans Frontières) هي منظمة طبية إنسانية دولية مستقلة، تقدم المساعدات الطبية الطارئة في مناطق النزاعات والكوارث حول العالم، وتعمل في اليمن منذ عقود، وتُعد شريكًا أساسيًا للقطاع الصحي المنهار في البلاد.













