استثمارات وتسليح بـ 600 مليار دولار .. كيف أعاد ولي العهد السعودي صياغة التحالف مع واشنطن؟

في مجلس ملكي مهيب، يفيض فخامةً وتقاليد عربية أصيلة، مُدَّت يد الضيافة لفنجان قهوة عربية تقليدية، لكن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب جمَّد ملامحه ورفض الشرب، وكأن الرسالة واضحة: "لست هنا من أجل الطقوس بل من أجل الصفقات"، غير أن لحظات قليلة فصلت هذا الجمود عن تغيّر دراماتيكي، حين مدّ يده أخيرًا للفنجان، ليبدأ فصل جديد من العلاقات السعودية–الأمريكية.
صفقة بـ600 مليار دولار: قهوة برائحة الذكاء الاصطناعي والسلاح
ما حدث بعد تلك القهوة الرمزية، لم يكن مجرد بروتوكول، بل تحوّل إلى سلسلة من الصفقات العملاقة بقيمة تتجاوز 600 مليار دولار. بين الرياض وواشنطن، تحركت أضخم حزمة استثمارات عسكرية واقتصادية في تاريخ المنطقة، كان في مقدمتها صفقة دفاعية قياسية بقيمة 142 مليار دولار. تضم هذه الصفقة أحدث أنظمة الدفاع الجوي، مثل "ثاد" و"باتريوت باك 3"، ومقاتلات "F-15 EX"، وطائرات استطلاع وهجوم مثل "MQ-9 Reaper"، إلى جانب نقل التكنولوجيا والتدريب الميداني وبناء صناعة عسكرية سعودية متقدمة.
الردع العسكري والتكنولوجيا السعودية تستعد لبيئة الصراعات الحديثة
تجاوزت الصفقة مجرد التسليح، فشملت أيضًا دعمًا للبنية التحتية الدفاعية السعودية، ونقل تقنيات متطورة، وتحديث منظومة الردع في وجه إيران وميليشياتها. كان لافتًا أن تتضمن الاتفاقيات أيضًا أنظمة قيادة وتحكم واستطلاع تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وعربات مدرعة مثل "برادلي" و"هامفي"، في خطوة تعكس توجه السعودية نحو توطين صناعة السلاح وامتلاك استقلالية دفاعية أكبر.
مليارات الذكاء الاصطناعي استثمارات في قلب الاقتصاد الأمريكي
في الجانب التكنولوجي، أُعلنت استثمارات سعودية ضخمة تجاوزت 80 مليار دولار في شركات عملاقة مثل "جوجل"، "أوراكل"، و"أوبر"، إضافة إلى 20 مليار دولار في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والطاقة. تهدف هذه الخطوات إلى تعميق الشراكة التكنولوجية ونقل المعرفة إلى الداخل السعودي، مع تعزيز الحضور السعودي في اقتصاد المعرفة العالمي.
صفقات الصحة والبنية التحتية من ميشيغان إلى الرياض
لم تتوقف الشراكة عند حدود الأمن والتقنية، بل شملت أيضًا استثمارات في قطاع الصحة والبنية التحتية. تم توقيع اتفاقية بقيمة 5.8 مليار دولار لإنشاء مصنع سعودي في ولاية ميشيغان الأمريكية، إلى جانب مشاريع بنية تحتية سعودية تنفذها شركات أمريكية مثل "AECOM" و"Parsons" بقيمة ملياري دولار، وتوريد طائرات "بوينج" بقيمة 4.8 مليار دولار.
صندوق الطاقة.. حلم نووي سعودي يتبلور؟
ومن بين أبرز مخرجات القمة بين محمد بن سلمان وترامب، إطلاق ثلاثة صناديق استثمارية بقيمة 14 مليار دولار، أبرزها صندوق "الطاقة"، الذي أشارت تقارير غربية إلى أنه ربما يمثل الخطوة الأولى نحو إنشاء مفاعل نووي سعودي بخبرات أمريكية. رغم التكتم على التفاصيل لأسباب تتعلق بإسرائيل وإيران، فإن الخطوة تُمثل تطورًا استراتيجيًا قد يعيد تشكيل موازين القوة في الخليج.
تحول استراتيجي من تحالف تقليدي إلى شراكة شاملة
كل هذه الصفقات والاستثمارات لم تكن مجرد تبادل مصالح، بل عكست تحولًا حقيقيًا في العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة. من تحالف تقليدي قائم على النفط والحماية، إلى شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد تشمل الدفاع، التكنولوجيا، الاقتصاد، والبنية التحتية. جاء ذلك في توقيت حساس، مع فتور العلاقات في عهد إدارة بايدن، ومحاولات الصين وروسيا لملء أي فراغ استراتيجي في المنطقة.
إيران تراقب و"العم سام" يثبت أقدامه من جديد
بينما ترتعد فرائص إيران، وتراقب الصين وروسيا بصمت، أعاد "العم سام" تثبيت أقدامه في الخليج، ولكن هذه المرة بقوة الحديد، والذكاء الاصطناعي، والتحالفات الاستثمارية. إنها قهوة واحدة رفضت في البداية، لكنها باتت عنوانًا لمرحلة جديدة تصنع التاريخ، وتغير موازين القوة في الشرق الأوسط.
صفقة السعودية أمريكا، محمد بن سلمان وترامب، صفقات تسليح السعودية، الذكاء الاصطناعي السعودي، الشراكة السعودية الأمريكية، الدفاع الجوي السعودي، صفقات السعودية العسكرية، صندوق الطاقة السعودي، استثمارات سعودية في أمريكا، مفاعل نووي سعودي، التحالف السعودي الأمريكي، صفقات الرياض وواشنطن، السلاح الأمريكي للسعودية، صفقات الذكاء الاصطناعي، السعودية والاقتصاد الأمريكي، التطور العسكري السعودي، ستيب نيوز السعودية، محمد بن سلمان ترامب.